قرعت طبول الحرب بين روسيا وأوكرانيا فأوجس العرب منها خيفة لما قد تتسبب به من مجاعة في أرجاء الوطن العربي، حيث إن ملايين العرب يعتمدون على القمح المستورد من روسيا وأوكرانيا أكبر مصدري القمح والذرة والشعير في العالم. استمرار الحرب يعني انقطاع الجزء الأكبر من إمدادات القمح للوطن العربي وما ينتجه الوطن العربي لا يكفي لسد احتياجاته الذاتية والمخزون لا يكاد يكفيه لأسابيع معدودة، ما يضطرها للبحث عن مصادر أخرى ذات تكاليف عالية وقد لا تفي بالغرض، لأن الأزمة عالمية وغير محدودة.
الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 شهدت في الأيام القليلة الماضية إقبالا متزايدا على تخزين المواد الغذائية وخاصة الطحين خشية من فقدانه المفاجئ أو ارتفاع أسعاره. لا أدري إن كانت تلك الحمى انتقلت إلى مناطق أخرى حتى هذه اللحظة أو لا ولكنني أتوقع ظهورها في الأيام القليلة القادمة، فالجميع غير مستعد لمثل هذه الظروف.
في الوطن العربي أي قائد يفكر في الاعتماد على الذات في توفير رغيف خبزه أو سلاحه يتم التخلص منه، والبلد العربي الذي ينجح في استصلاح أراضيه واستغلالها في إنتاج القمح وبقية المنتوجات الغذائية الأساسية يتم تضليله أو تدميره حتى يبقى رهين القمح المستورد. في اليمن ومنذ سنوات تم تدمير المزروعات المفيدة من أجل زراعة القات المخدر، وفي السودان الذي كان يعد السلة الغذائية للوطن العربي أصبح أرضا جدباء، وفي فلسطين عملت "إسرائيل" بكل جهد على تشغيل الفلسطينيين بأجور مرتفعة جدا ليتخلى عن زراعة أرضه والاهتمام بها وهذا ما كان، حيث اختفت حقول القمح وأشجار البرتقال والليمون وبقية المزروعات وحلت محلها مساحات شاسعة لا بناء ولا زرع فيها، علما أن المحتل الإسرائيلي يحارب الفلسطينيين في زراعتهم وكأنها خطر أمني على كيانه.
خلاصة القول إن الأنظمة والشعوب العربية قد تعجز عن الصمود وقد تموت جوعا إن حصلت حرب لا علاقة لها بها وبعيدة كل البعد عنها، لأن طعامها وقمحها لن يصل إليها، فكيف لهذه الأنظمة أن تخوض حروبها وتدافع عن نفسها إن فُرضت عليها الحرب، فضلا عن قدرتها على تحرير فلسطيني وبيت المقدس، وهذه الحالة من التردي لا يمكن أن تستمر، وسوف تتبدل الظروف وسيعود القائد الذي يأكل مما يزرع ويحارب بما يصنع.