فلسطين أون لاين

انتفاضة الأسرى صرخة في وجه الظلم الصهيوني

أسرانا رمز عزتنا وكرامتنا، متسلحين بالإيمان والصبر والإرادة هزموا السجان، الأسير القائد عبد الله البرغوثي وإبراهيم حامد وحسن سلامة وأنس جرادات ومحمد عرمان قضوا ما يزيد على ثلاثين عاما في سجون الاحتلال وما زالوا صابرين، لا يستطيع أحد منا تخيل مقدار الظلم الواقع على الأسرى الفلسطينيين من معاناة مستمرة وعزل وإهمال طبي وفرض قيود على زيارات الأسرى وحرمانهم من أبسط حقوقهم، نرى التناقض والتجاهل والصمت من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية التي تنادي بحقوق الإنسان عن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد هؤلاء الأسرى حيث لا يزال 4600 أسير منهم 34 أسيرة و180 طفلًا في سجون الاحتلال.

وأمام هذا التجاهل غير المبرر من العالم لهذه القضية الإنسانية التي تعد ذروة سنام القضايا الوطنية الفلسطينية قرر الأسرى في السجون تصعيد تحركهم من أجل إيصال صوتهم للعالم، فانطلقت انتفاضتهم لليوم 22 رفضاً للعُنجهية الصهيونية التي تمارس أبشع أساليب الإرهاب ضدهم.

في انتظار الحرية، استشهد عشرات الأسرى في السجون الصهيونية واستشهد عشرات آخرون بعد الإفراج عنهم من السجون بقليل بعد ما زرع الاحتلال في أجسادهم أمراض رافقتهم، وإمعانا بالإرهاب والنازية الصهيونية لا تزال ست جثث لشهداء من الحركة الأسيرة لم تسلم لذويهم في استمرار لحبسهم حتى بعد موتهم متجاهلين أبسط قواعد الإنسانية بأن يعود الجثمان لأهله ليلقوا النظرة الأخيرة عليه، لكن هنا آخر احتلال عنصري في العالم.

إن الحق في مقاومة الاحتلال هو حق كفلته الشرائع والقوانين الدولية، فأين دعاة حقوق الإنسان من بقاء 366 أسيرًا منذ ما قبل اتفاق أوسلو رغم الرفض الشعبي لها، لكن ألا يفترض أنهم أسرى حرب ويجب أن يُفرج عنهم؟ وإذا ما أضفنا عشرات السنوات من التقصير الرسمي تجاه الحركة الأسيرة فعلى الدبلوماسية الفلسطينية دور هام في فضح ممارسات الاحتلال العنصرية ضد الأسرى والعمل على تحريرهم وعودتهم لذويهم.

الأسرى ليسوا مجرد أرقام أو قضية عابرة في الوعي الفلسطيني، بل هم قضية جوهرية وأساسية نجد السجن وقد دخله نواب ووزراء وصحفيون وأطفال ونساء ومرضى معظم فئات الشعب الفلسطيني تعرفت على السجن، وإن لم يكن لك أخ فلك جار أو قريب دخل السجن الصهيوني واكتوى بناره وعذاباته، وعند الحديث عن انتفاضة الأسرى في السجون نستذكر ما يعانون من إهمال طبي متعمد وحرمانهم من الرعاية الطبية، لا يزال موجود ما يزيد على 500 أسير معتقل إدارياً، وهؤلاء الأسرى مستمرون بمقاطعتهم لمحاكم الاحتلال منذ 58 يوما في معركة سموها قرارنا حرية رفضاً للاعتقال الإداري الذي لا يحدد بزمن وغير مقرون بدليل واضح بل هو وفق معلومات سرية يقدمها الأمن الصهيوني في غالبها معلومات كاذبة تهدف إلى استمرار سجن الأسير بشكل يخالف كل القوانين الدولية.

لو قدر لأحدنا أن يقضي يوماً في سجون الاحتلال وأن يشعر بالحرارة التي تصل حد التجمد في الشتاء ماذا سيقول، استمرار الاحتلال في تضييقه على أسرانا وفي حصولهم على الملبس والمأكل والتدفئة وسياسة العزل الانفرادي لمدة طويلة بعضها لسنوات، ومنع الزيارات العائلية عنهم ضمن التعذيب النفسي، وفي ظل انتشار وباء كورونا، كان هنالك استهتار واضح بحياة الأسرى من قبل إدارة السجون التي لم توفر الحماية والوقاية للأسرى وتركتهم فريسة سهلة للمرض. عن أي إنسانية العالم يتحدث وهؤلاء الأبطال يموتون كل يوم ألف مرة تعذيبا وآلاما وإهمالاً طبياً وتعذيباً نفسياً.

رغم ضعف الدور الرسمي فإن الشعب الفلسطيني ملتف وبقوة حول قضية الأسرى واعتبرها قضية جوهرية بالنسبة له ونستذكر ما شهدته مدن وقرى فلسطين من الاعتصامات والمسيرات والإضرابات التي خرجت لإسناد الحركة الأسيرة في وجه الإرهاب الصهيوني. 

لا أزال مستذكرا تلك اللحظة التي نجحت فيها المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام في إبرام صفقة وفاء الأحرار، لقد غمرتني مشاعر متنوعة من الفرح والسعادة والفخر بهذه المقاومة وأولئك الأسرى العظماء الذين انتزعوا الحرية من مخالب السجان، لقد حفرت هذه الذكرى، يقول الشعب الفلسطيني ندعو الله أن تأتي صفقة وفاء الأحرار 2 لتبييض السجون ويتحرر الأسرى، وهو ما عملت من أجله المقاومة ووفرت العدد اللازم من الأسرى الصهاينة لتكون جاهزة لتحقيق عهدها بإخراجهم، وهنا على قادة الاحتلال أن يطرحوا هذا السؤال على أنفسهم هل هم مستعدون للمضي في صفقة جديدة وفق شروط المقاومة؟ لا تزال الإجابة لدى قادة الاحتلال غائبة، والمقاومة الفلسطينية تملك من القوة والقدرة الكثير، وقالت في أكثر من مناسبة إن معاناة الأسرى ستكون صاعق الانفجار إذا ما استمر الاحتلال في عدوانه على أسرانا.