فلسطين أون لاين

تعددت الإضرابات والعدو واحد

أعلنت لجنة التنسيق الفصائلي في محافظة بيت لحم عن الإضراب الشامل يوم الأربعاء في كافة مناحي الحياة باستثناء القطاع الصحي، وذلك حداداً على روح الشهيد الطفل محمد شحادة، الذي اغتاله الرصاص الصهيوني في بلدة الخضر، جنوب المدينة، وقد استجابت جماهير بيت لحم للإضراب بشكل يعكس روح الانتماء للوطن فلسطين.

وكانت مدينة نابلس قد شهدت قبل أيام إضراباً شاملاً حداداً على ثلاثة شهداء، وقبل عدة أشهر، شهدت مدينة جنين إضراباً عاماً تضامناً مع الأسرى، هذه الإضرابات لا تعكس وحدة المعركة، ووحدة الحال الفلسطينية، كما كان سائداً أثناء انتفاضة الحجارة سنة 1987، في ذلك الزمن كان الوطن فلسطين كله وحدة واحدة، وكانت الدعوة للإضراب الشامل عنوان الوحدة، على خلاف أيامنا هذه، حيث جرى تمزيق الوطن، وتقسيمه بين مصلحة هذا، ومكاسب ذاك، لينعكس ذلك تقزيماً للمعركة الوطنية الواحدة ضد عدو واحد.

كانت القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة تدعو إلى يوم إضراب شامل، فيستجيب لها كل الشعب، وكان الشهيد الذي يرتقي في مدينة أريحا تطوف روحه على كل الساحات في المدن الفلسطينية، فالشهداء ليسوا أبناء عائلاتهم، ولا هم أبناء تنظيماتهم، ولا يهم يخصون مدنهم، الشهداء هم أبناء الوطن كله، وكانت الاستجابة لدعوة الإضراب تشمل كل فلسطين، في مشاركة وجدانية صعدت من المواجهات، فكان لجباليا يوم تصعيد، ليكون التصعيد في اليوم التالي مخصص لمدينة نابلس، ثم ينتقل يوم التصعيد إلى رام الله، ثم رفح، ثم بيت جالا، وحلحول، وخان يونس، وهكذا، ولكن ذلك التوزيع لأيام التصعيد لم يلغ أيام الإضراب الشامل، الذي جسد إرادة شعب.

الفلسطينيون في هذه المرحلة بحاجة إلى يوم إضراب شامل، تجاوباً مع الأحداث، بل أيام إضراب شامل تشارك فيها كل مدن غزة والضفة الغربية، أيام إضراب تتجاوز الانقسام، وتتحدى الإسرائيليين بالوحدة الميدانية، وترسل إلى العالم صرخة شعب وحدته المصائب، وجمعت شمله الأمنيات بالخلاص من المحتلين.

الطفل محمد شحادة هو الشهيد رقم ستة من شهداء الضفة الغربية في شهر فبراير من هذا العام، ولا يخلو شهر واحد من أشهر السنة دون تقديم الضفة الغربية لنفس العدد من الشهداء في الشهر الواحد، بل وأكثر، وذلك يعني أن ما يقدمه قطاع غزة من شهداء في معارك المقاومة مع العدو الإسرائيلي دفعة واحدة، لا يفوق عدد الشهداء الذين تقدمهم الضفة الغربية بالتقسيط، وعلى امتداد الجرح النازف في المواجهات الشعبية أو المقاومة، وهذا يؤشر على أن للشعب الفلسطيني عدو واحد، وأن المقاومة قائمة في غزة والضفة رغم ضجيج السلام والاستقرار الوهمي على أرض الضفة الغربية، ورغم لقاءات التنسيق والتعاون الأمني.

ملحوظة: ما أسعد دولة العدو وهي ترى مدينة بيت لحم تعلن الإضراب الشامل وحدها! وما أسعد أعداء الشعب الفلسطيني حين يرون مدينة الخليل تحبس دمعتها لوحدها، وغزة تعيش أحزانها لوحدها، ونابلس تواجه عدوها لوحدها؛ دون أن تحس بها مدن قلقيلة وجنين وطوباس!