في طفولته كثيرًا ما أصيب أحمد يوسف عواد بتشنجات في جسمه بفعل وجود قطرة دم متخثرة على دماغه، واليوم يزداد وقع تلك الآلام التي تدهمه كل مدة أسيرًا في سجون الاحتلال، غير العديد من الأمراض المزمنة.
الأسير المريض أحمد يوسف عواد (48 عامًا) من سكان مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة نالت سجون الاحتلال الإسرائيلي، والسلطة الفلسطينية من صحته وعافيته وزهرة شبابه، لكنها لم تنل من عزيمته وإيمانه برسالته وقضية شعبه.
لم تستطع زوجته "أم مقداد" إحصاء عدد المرات التي اعتقل فيها زوجها لدى الاحتلال أو أجهزة أمن السلطة، إذ تقول لصحيفة "فلسطين": "ما يزيد الطين بلة أن غالبية اعتقالاته لدى الاحتلال اعتقال إداري دون توجيه أي تهمة له، سوى حجة أنه يشكل خطرًا في المنطقة، ولما تنتهي مدة الاعتقال يعاد التجديد له، لتتجدد المعاناة".
وتضيف: "وفي حال الإفراج عنه ما إن نحاول استشعار وجوده بيننا حتى يعتقل ويبعد عنا مجددًا، ما يتسبب بإرباك حياتنا الأسرية وعدم شعورنا بالأمان والاستقرار، حتى أبناؤنا الخمسة يفتقدون غيابه، ويتشوقون للعيش معه ككل الأسر، ولكنهم محرمون ذلك بسبب الاعتقالات المستمرة له".
بعد اعتقالات متكررة ظهرت على الأسير عواد أعراض مرض السكري وضغط الدم المرتفع، ففي أثناء وجوده في الأسر أغمى عليه ونقل إلى المستشفى ليمكث فيه شهرًا كاملًا، ليتضح إصابته بمرض السكري من النوع الثاني، هذا إضافة إلى إصابته بمرض جلدي يشبه الأكزيما.
وتشير الزوجة إلى أن السجن والتحقيق تحت التعذيب تركا أثرهما على جسد "أحمد"، فإلى جانب المرضين المزمنين يعاني التهاب المفاصل، وضعفًا في عضلة القلب.
وتسرد "أم مقداد" أنه في أحد الاعتقالات بسبب إضرابه عن الطعام والشراب للمطالبة بحقوقه، أصيب بأوجاع شديدة في الكلى كاد يعض الأرض من شدتها، وبين فترة وأخرى تعاوده الآلام، لكن إدارة سجون الاحتلال تصم آذانها عنه حتى يصل به الألم إلى النفس الأخير وتخرج الأمور عن السيطرة فينقل إلى المستشفى لتلقي العلاج بالحد الأدنى، متعمدين الإهمال الطبي، وسط مخاوف من إصابته بفشل كلوي.
ومع كل اقتحام للبيت، ومداهمة كل قوة عسكرية تضع "أم مقداد" وأبناؤها أيديهم على قلبهم خوفًا على والدهم وصحته التي تزداد سوءًا مرة بعد أخرى، "كل اعتقال عن الآخر تزداد معاناته الصحية، طول الوقت خائفون وقلقون عليه، يحتاج لتناول أدوية الأعصاب، وفي حال عدم تناولها يصاب بنوبات صرع".
وتذكر أن آلام المفاصل تشتد على "أحمد" في فصل الشتاء، ولا يحصل على أي علاجات لها داخل زنازين الاحتلال التي تشبه في رطوبتها "الفريزر"، فضلًا عن عدم سماح إدارة السجون بإدخال الملابس الشتوية والأغطية، ولا تسمح بتوفير سوى غطاء واحد لكل أسير.
وقد حاولت "أم مقداد" مرارًا وتكرارًا إرسال احتياجاته من طريق أهالي أسرى، مع منعها من زيارته، ولكن في كل مرة ترجع.
وتذكر أنه خلال ما يزيد على عقدين يتناوب الاحتلال وأجهزة أمن السلطة على اعتقال وتعذيب الأسير عواد ما يزيد على تسع سنوات موزعة على عدة اعتقالات، أطولها لدى الاحتلال كان عام 2007، واستمر قرابة ثلاث سنوات، وفي أغلب اعتقالاته كان يحول للاعتقال الإداري.
وكان عواد قد التحق في عام 2012 بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح، على أمل الحصول على شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية، لكن الاعتقالات المتتالية لم تعطِه فرصة لإتمام دراسته، وأصبح حلمًا يصعب تحقيقه.

