فلسطين أون لاين

​منع الأسرى من الزيارة.. تذويب لمخرجات معركة الأمعاء الخاوية

...
الخليل- خاص "فلسطين"

رغم أنّ الطفل إسلام القيق ابن الأربعة أعوام كان يستعد لزيارة والده للمرة الأولى منذ ما يقرب من سبعة شهور في سجون الاحتلال، لكنّ الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، إذ جاءت المفاجأة بسحب الاحتلال تصريح زيارته ووالدته وشقيقته، وإجبارهم على العودة أدراجهم من حيث ارتحلوا في بلدة دورا جنوب الخليل.

ويتذرع الاحتلال بأنّ منع الزّيارة، جاء بسبب خوض الأسير الصحفي مـحمد القيق تجربة الإضراب المفتوح عن الطّعام خلال إضراب الحرّية والكرامة.

وفي 17 من إبريل/ نيسان الماضي، أضرب نحو 1800 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال عن الطعام، للمطالبة بحقوقهم المسلوبة، ولمواجهة السياسة الإسرائيلية القمعية التي تمارسها إدارة سجون الاحتلال.

وببراءة يتحدّث إسلام عن منعه من الزيارة قائلًا: "كنت ذاهبا لزيارة بابا في سجن إيشل، لكنّ الجيش منعني من الوصول إليه".

وإن كان لسان الطفل الغض لا يمتلك قاموساً من الكلمات تسعفه للتعبير عن غضبه من الحرمان القسري المخالف للمواثيق الدولية، إلا أن ملامح وجه "إسلام" كانت تشي بكثير من الحزن تلحظه على كثير من أقرانه.

وتفيد الصحفية فيحاء شلش، بأن سبب منعها وطفليها من زيارة زوجها محمد القيق متعلّق بخوضه الإضراب الأخير، مشيرة إلى أنّ منعها من الزيارة ترك انعكاسات نفسية كبيرة على كامل العائلة، التي رسمت الكثير من الصور للقائها بمحمد، ما حال المنع دون أن تتحقّق هذه الصور والآمال.

وتلفت شلش إلى أنهم تفاجؤوا بقرار المنع، إذ أوقفهم جنود الاحتلال المتواجدون على معبر الظاهرية جنوب الخليل وسحبوا التصاريح واحتجزوها، وأبلغوها مع عدد آخر من عائلات الأسرى أنّهم ممنوعون من الزيارة، وأنّ تصاريحهم ملغاة تماما.

وتقول لصحيفة "فلسطين"، إن جنود الاحتلال برهنوا الأمر بكلّ وضوح، بأنّ المنع يأتي بسبب مشاركة هؤلاء الأسرى في إضراب الكرامة الأخير عن الطّعام.

والأسير القيق، هو واحد من 27 صحفيا معتقلا في سجون الاحتلال، أقدمهم الصحفي المقدسي محمود عيسى المعتقل منذ العام 1993 والمحكوم بالسجن المؤبد، وأحمد الصيفي المعتقل منذ العام 2009 ويواجه حكما بالسجن 19 عاما.

ومن بين الصحفيين الأسرى 14 صحفيا ما زالوا موقوفين، وخمسة يحتجزون وفقا لقانون الاعتقال الإداري -أي دون لائحة اتهام- منهم مدير إذاعة الأسرى في بيت لحم نضال أبو عكر الذي أفرج عنه العام الماضي وأعيد اعتقاله بعد أشهر قليلة.

ولم يستعجب الحاج أحمد، والد القيق من سياسة المنع من الزيارة، فهي ليست بجديدة أو غريبة وإحدى أدوات الاحتلال لقمع الأسرى وذويهم، ملفتاً إلى أنّ الاحتلال نفّذ العديد من المجازر بحقّ الفلسطينيين من عمليات إعدام وقتل ومصادر للأراضي وهدم للبيوت، وقطع للكهرباء.

ويرى بأنّ سلطات الاحتلال تحاول إيقاع أكبر عقاب للأسرى ولعائلاتهم، وهذا ما يبرز من خلال عمليات المنع الأمني من الزيارة دون الاكتراث لمشاعر الأطفال والنساء وغيرهم.

التزامات الإضراب

أمّا مدير هيئة شؤون الأسرى في الخليل إبراهيم نجاجرة فيرى بالإجراء "العنصري" محاولة لتنصل إدارة سجون الاحتلال من التزاماتها بنتائج الإضراب.

ويقول: إن الصليب الأحمر وبقية المنظمات الحقوقية المهتمة بقضية الأسرى باتت لا يوجد لديها توضيحات كافية حول هذه الأسباب، وبات الصليب "يدّعي" أنّ جزءا من هؤلاء الأسرى تمكنت عائلاتهم من زيارتهم مؤخرا.

وعد نجاجرة، تبريرات الصليب الأحمر وغيره من الهيئات الإنسانية محاولة للتحلل من التزاماتها المتعلقة بقضية الأسرى "وهو أمر مرفوض وغير مقبول إطلاقاً".

ويعتقد مدير هيئة الأسرى، أنّ المطلوب تدخل من كافة الجهات الحقوقية والشّعبية الفلسطينية، من أجل العمل الجاد لإجبار سلطات الاحتلال على التراجع عن إجراءاتها العقابية التي لا تتوقف عند الأسرى، بل تمتدّ إلى عائلاتهم.

ويتوقع نجاجرة بناء على ردود فعل الاحتلال، أن يبدأ الأسرى ببلورة خطوات تصعيدية ضدّ إدارات مصلحة سجون الاحتلال، خاصّة وأنّ الأسرى علّقوا الإضراب الأخير، وينتظرون مباشرة إدارات مصلحة السّجون في تطبيق التزاماتها.

ويعد بند رفع عدد زيارات أهالي الأسرى لأبنائهم في السجون أحد مخرجات "إضراب الحرية والكرامة" الذي استمر 39 يوماً، حيث يقضي الاتفاق بين قيادة الإضراب وإدارة سجون الاحتلال بإعادة السماح بزيارة ثانية للأسرى خلال الشهر الواحد كما كان متبعًا قبل نحو عامين، ولكن بتمويل من السلطة الفلسطينية بعد أن كان يموّلها الصليب الأحمر.