أكد محللان سياسيان متابعان للشؤون الفلسطينية، أن قرار حكومة الحمد الله ترسيم الحدود المائية جاء في وقت أحوج ما يكون فيه المواطن الفلسطيني إلى توفير القضايا الحياتية اليومية التي تساعده في الصمود أمام انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة.
وفسر المحللان قرار الحكومة، بأن السلطة برئاسة محمود عباس تسعى إلى استئناف المفاوضات والحفاظ على المسار السياسي بغض النظر عن المآلات التي قد يصل إليها المواطن الفلسطيني.
وكانت حكومة رامي الحمد الله، صادقت الثلاثاء الماضي، على تشكيل الفريق الوطني لترسيم حدود فلسطين البحرية وذلك بالتواصل مع الدول المجاورة، استنادًا إلى عضوية فلسطين في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
استعدادًا للمفاوضات
و يرى المحلل السياسي كمال علاونة، أن "إعلان الرياض" فتح المجال أمام استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى ما يدور من حديث عما يسمونه (فلسطين الصغرى) بالضفة وغزة، والتي تقتضي تحديد الحدود البرية والبحرية إضافة إلى المسارات الجوية.
وقال لصحيفة "فلسطين": "إن قرار السلطة بترسيم الحدود البحرية الآن يعني أن الأخيرة جادة في مساعيها لاستئناف المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي حتى وإن لم تحقق هذه المفاوضات أدنى درجات الحقوق الفلسطينية".
وتابع: "قضايا الغذاء والدواء والكهرباء والماء والرواتب والحصار المطبق المفروض على غزة هي أمور مصيرية وفي غاية الأهمية للمواطن الفلسطيني (...) لذا يجدر بالحكومة أن تولي اهتماماتها للداخل قبل التطلعات السياسية الخاوية من أي معنى حقيقي".
ويعاني المواطن الفلسطيني من أزمات خانقة متعددة في الضفة الغربية وقطاع غزة، منها أزمة المياه وأزمة الكهرباء وأزمة تقليصات الرواتب وقطع الآلاف منها، وإحالة الآلاف من الموظفين العموميين للتقاعد المبكر، ناهيك عن صعوبة الحركة والتنقل سواء بين الضفة وغزة أو منهما إلى العالم الخارجي وغيرها من الأمور المهمة جدًا.
ومن وجهة نظر علاونة، فإن ترسيم الحدود بحد ذاته "ليس أمرًا سيئًا" لكن هناك قضايا أكثر أهمية يجب ترتيبها أولًا، وهذه القضايا هي من اختصاص الوزارات المختلفة وليس من اختصاص اللجنة الحكومية التي ستتابع ملف ترسيم الحدود.
وأكد ضرورة أن تلبي الحكومة طموحات الشعب وأمانيه، قبل الخوض في تطلعات سيادية منقوصة، في إشارة منه إلى سيطرة الاحتلال الإسرائيلي الفعلية على المنافذ البحرية الخاصة بالسلطة الفلسطينية سواء من جهة الغرب ممثلة بالبحر الأبيض المتوسط، أو من جهة الشرق ممثلة بالبحر الميت.
مسار التسوية
فيما يرى المحلل السياسي، عمر عساف، أن رئاسة السلطة متجهة بإصرار غير خفي ومعلن في المواقف ووسائل الإعلام نحو مسار التسوية.
وقال لصحيفة "فلسطين": "خطة الترسيم لا تغيب عن بال فريق السلطة لأنه سبيلهم لاستئناف المفاوضات مع الاحتلال، ولكن المشكلة تكمن في أن الرئيس عباس لا يجد حلًا للقضايا الحياتية اليومية".
واعتبر عساف، ملفات نقص الأدوية وقطع الرواتب وتحويل موظفين للتقاعد المبكر وأزمات الكهرباء والماء والمواصلات، هي ملفات ذات أولوية في الشارع الفلسطيني.
وأردف قائلًا: "لكن همّ السلطة وهمّ عباس هو فتح قنوات مع الإدارة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي وأن تعمل لجنة 5/5 حتى تتم صفقة القرن".
وفي معرض رده على سؤال "فلسطين"، عن مسار السياسة الفلسطينية، أجاب: "على الصعيد الداخلي تتجه الأمور نحو مزيد من الانفصال وهو الاتجاه الذي اتخذته جميع الإجراءات التي أقرتها السلطة مؤخرًا ضد قطاع غزة، وجميعها يعود بالضرر على المواطن وعلى القضية الفلسطينية بشكل كامل".
أما على الصعيد الخارجي، فيرى عساف، أن رئيس السلطة يريد أن يكرس شرعيته بالاستناد إلى رضا الإدارة الأمريكية و(إسرائيل) باعتباره جزءًا من الحل الذي وُقع في الرياض قبل فترة وجيزة، لا سيما وأن عين أبو مازن لا تزال على المفاوضات والإبقاء على وجود حراك سياسي وإن كان بدرجات متدنية للغاية.

