فلسطين أون لاين

خشية تكرار سيناريو "سيف القدس"

تقرير تصاعد الأحداث في "الشيخ جراح" يفجّر خلافات بين قادة الاحتلال

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ نور الدين صالح:

فجّرت الأحداث الميدانية المتصاعدة على مدار اليومين الماضيين في حي الشيخ جراح شرقي مدينة القدس المحتلة جُملة من الخلافات وتبادل الاتهامات بين أعضاء في "الكنيست" الإسرائيلي وقادة حكومة الاحتلال.

وتصاعدت وتيرة الأحداث في الشيخ جراح عقب اقتحام عضو "الكنيست" ايتمار بن غفير منزل وأرض عائلة سالم، وإقامة خيمة استيطانية تضم مكتبا له بذريعة "توفير الحماية للمستوطنين"، وهو ما رفضه الأهالي واندلعت على إثره مواجهات عنيفة أدت إلى مشادات وعراكات بالأيدي وإصابة العشرات.

وهاجم وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد "بن غفير" على خلفية تفاقم الأحداث في الشيخ جراح، متهما إياه بممارسة "التحريض". وقال لابيد لهيئة البث العبرية في إشارة إلى "بن غفير": "إنه ليس هناك لحماية اليهود، إنه هناك لإشعال النار والعنف، إنه محرض بائس".

وردا على ذلك، قال عضو "الكنيست" عن حزب الليكود شلومو قرعي: "من يعظنا بالأخلاق اليوم هو من يجلس في الحكم مع من يدعو لمحونا عن وجه الأرض".

وتبادل الاتهامات على هذه الشاكلة لم يكن الأول، ولا سيما أن معركة "سيف القدس" التي اندلعت في مايو/ أيار الماضي بسبب انتهاكات الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى سبقها سلسلة من تبادل الاتهامات بين وزير جيش الاحتلال بيني غانتس والمتطرف "بن غفير" وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو.

انتفاضة جديدة

المحلل في الشؤون العبرية عليان الهندي رأى أن تبادل الاتهامات يندرج في سياق "المناكفات السياسية"، موضحا أن الأخطر في المسألة أن حكومة الاحتلال تعتبر "بن غفير" عقبة أمام تنفيذ المشروع الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية المحتلتين.

وأوضح الهندي في حديث لصحيفة "فلسطين" أن "بن غفير" يحاول الظهور دائما بأنه خارج سياسات حكومة الاحتلال للفت الانتباه إلى الرأي العام العالمي، مضيفا أن المؤسسة الإسرائيلية ترى فيه أنه يحرض الفلسطينيين على خوض انتفاضة جديدة ضد (إسرائيل).

وتابع أن هناك تيارا في المستوطنين ومنه "بن غفير" يؤيد فكرة تقليل الوجود الفلسطيني في أراضي الضفة الغربية، من خلال القيام بجرائم تفريغ الأراضي بوتيرة أسرع مما تقوم به حكومة الاحتلال.

ويرى أن الأوضاع الراهنة في الأراضي الفلسطينية وتحديدا في القدس مهيأة لاندلاع انتفاضة جديدة، سيّما أن الاحتلال لم ويقف انتهاكاته وجرائمه في "الشيخ جراح" عقب معركة "سيف القدس" بشكل كامل.

وبين أن الاحتلال يخشى اندلاع انتفاضة جديدة نظرا للانعكاسات السلبية التي ستعود عليه، منبّها إلى أن معالم الانتفاضة تتمثل في زيادة انتهاكاته ضد الفلسطينيين وانسداد الأفق السياسي في الشارع الفلسطيني، بالإضافة إلى جرأة الفلسطينيين على مواجهته.

برميل بارود

ويؤيد الخبير في الشأن العبري د. عمر جعارة ما سبقه، إذ يرى أن "بن غفير" يريد سرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية في الشيخ جراح، لتثبيت يهودية "دويلة (إسرائيل)" على كل الأرض الفلسطينية.

ويقول جعارة في حديث لـ"فلسطين": إن حكومة الاحتلال تعلم أن الضفة الغربية والقدس تحديدا تعيش على "برميل من البارود" وقد ينفجر في أي لحظة، لذلك يرفض قادتها محاولات "بن غفير" إشعال فتيل انتفاضة جديدة.

وأوضح أن الشارع الإسرائيلي ينظر لـ"بن غفير" أنه شخص غير متزن وغير مقبول، لذلك الاحتلال لم يتخذ موقفا حاسما بشأن دعم خطواته في الشيخ جراح.

وأضاف أن الأمور على أبواب انتفاضة جديدة، ولكن الاحتلال يخشاها كونه يعلم أن غزة قادرة على قصف كل الأراضي المحتلة وإدخال 5 مليون إسرائيلي للملاجئ وتعطيل الحياة لديه.

وأشار إلى أن جولة "سيف القدس" أثبتت حقيقة أن المقاومة منتظمة وقادرة على الوصول لكل فلسطين المحتلة، وهذا ما يُرعب الاحتلال ويدفعه إلى عدم المغامرة بحرب جديدة.

ويرى الباحث في الشأن العبري أيمن الرفاتي أن هناك تحركا واضحا من اليمين المتطرف الإسرائيلي وتحديدا الأحزاب المعارضة المؤيدة لنتنياهو في محاولة إشعال الأوضاع بالقدس لتحقيق أهداف سياسية.

وأشار الرفاتي في حديث لـ"فلسطين" إلى أن هذه الأحزاب تريد عودة المواجهة مع غزة للوصول لانهيار حكومة نفتالي بينيت، وإجراء انتخابات جديدة قد تُعيد نتنياهو إلى سدة الحكم.

وبيّن أن قادة الاحتلال وجهوا اتهامات ضد "بن غفير" على اعتبار أنه "صبي لنتنياهو" ويفتعل الأزمات في (إسرائيل)، موضحا أن دولة الاحتلال تدرك أن الذهاب لمواجهة عسكرية والانجرار خلف "بن غفير" ليس في صالحها.

وبحسب قوله، فإن ما حدث في "سيف القدس" يمثل ردعا للائتلاف الحكومي الحالي الذي يدرك أن المواجهة لن تكون مجدية ولن يحقق أي إنجازات منها.