فلسطين أون لاين

المجلس المركزي وأداء معارضيه

انتهت جلسة المجلس المركزي الفلسطيني المثيرة للجدل، وأصدرت بيانها الذي يتضمن قرارات بالغة الأهمية ولكن وفقاً للتجارب السابقة ستبقى حبراً على ورق على طاولة اللجنة التنفيذية، ولم ينفذ منها شيء لوا سيما المواد المتعلقة بوقف التنسيق الأمني، وتجميد الاعتراف بـ(إسرائيل) إلخ من القرارات التي يحتاج تنفيذها إلى وحدة وطنية بين كل المكونات الفلسطينية.

السؤال المطروح: لماذا نجحت جلسة المجلس المركزي؟ وهل كان مقنعاً أداء معارضي الجلسة؟ وماذا يمكن فعله في قادم الأيام لوقف وكسر الهيمنة؟

أولاً: نجاح جلسة المجلس المركزي.

ليس غريباً توقع نجاح جلسة المجلس المركزي حتى لو رفضت كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي وقبلت حركة فتح وحدها الحضور سيتحقق النصاب القانوني للجلسة انطلاقاً من الهيمنة المطلقة للرئيس محمود عباس على منظمة التحرير الفلسطينية، ولعل النصاب القانوني في جلسة المجلس المركزي الأخيرة يعكس حجم الهيمنة، وهو ما أعلنه السفير محمد صبيح عند ذكره عدد أعضاء المجلس المركزي، والمتغيبين عن الجلسة ضمن المادة الأولى في جدول الأعمال وهي النصاب القانوني. حيث أعلن صبيح أن عدد المجلس المركزي 136 عضواً تغيب منهم 19 عضواً فقط.

لو تأملنا بالرقم 19 وتابعنا من تغيب من فصائل ومستقلين نخلص إلى التالي:

أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ثاني أكبر فصائل منظمة التحرير مقاطعتها وكذلك المبادرة الوطنية والصاعقة والجبهة الشعبية القيادة العامة مقاطعتهم للجلسة كما أعلن مقاطعة الجلسة عن المستقلين كلِ من حنان عشراوي ومحسن أبو رمضان وحسن خريشة وإحسان سالم وتيسير الزبري وأحمد جميل عزم وفيحاء عبد الهادي.

 مجموع كل ما سبق 19 عضواً وعليه فإن وزن حركة فتح كتنظيم واتحادات ونقابات ومعها سبعة فصائل أخرى 117 عضواً وهذا اختلال واضح يعكس الهيمنة المطلقة لحركة فتح ولا سيما في ظل غياب الانتخابات عن العديد من الاتحادات والنقابات.

ثانياً: معارضي جلسة المجلس المركزي.

عارض جلسة المجلس المركزي الفلسطيني من خارج منظمة التحرير الفلسطينية كل من حماس والجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة الناشئة بعد انتفاضة الأقصى (الأحرار -لجان المقاومة الشعبية – حركة المجاهدين – حركة المقاومة الشعبية) ومن داخل المنظمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمبادرة الوطنية والصاعقة والجبهة الشعبية -القيادة العامة. بالإضافة إلى العديد من الشخصيات المستقلة.

سر نجاح اجتماع المجلس المركزي ينطلق من نظرة الرئيس محمود عباس لقوة فعل معارضيه، حيث يقيم مقدرو الموقف السياسي للرئيس عباس بأن رد فعل معارضيه لن تتجاوز الحملات الإعلامية ليوم أو يومين بحد أقصى ثم تنتهي مع ولادة حدث سياسي أو رياضي جديد. وعليه فإن هذا التقدير كان محقاً عندما تابعنا مسيرات الرفض في ساحة الجندي المجهول بمدينة غزة ودوار المقاطعة في رام الله والتي لا تتجاوز أعداد المشاركين فيها بضع مئات في أحسن الأحوال، ثم صدر البيان الثلاثي - (حماس – الجهاد الإسلامي – الجبهة الشعبية) - الذي أراه إيجابياً من حيث قوة المحتوى وسلبياً من حيث عدد الموقعين على البيان في ظل حالة الرفض الواسعة لجلسة المجلس المركزي.

ثالثاً: خارطة طريق كسر الهيمنة وإعادة إحياء منظمة التحرير الفلسطينية.

 ثلاث ثوابت لابد العمل عليها قبل الانطلاق في تنفيذ خارطة الطريق المقترحة وهي: لا بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني – الاحتكام لصندوق الانتخابات فقط – تغليب الصالح الوطني العام على أي مصالح أخرى.

تتضمن خارطة الطريق وفقاً للثوابت السابقة على اتجاهين، الأول: يتعلق بمعركة الوعي الجمعي الفلسطيني بضرورة إشراك الجميع من أجل الضغط لتعزيز الشراكة الوطنية ورفض الهيمنة، ولتحقيق ذلك يتطلب استراتيجية إعلامية طويلة الأمد تغلب الخطاب الوطني الواقعي والمقبول والبعيد عن مفردات التخوين والتكفير والاقصاء. الثاني: مسار تشكيل غرفة عمليات سياسية مشتركة يعمل تحت سقفها كافة القوى والفعاليات والنخب الفكرية التي ترفض منطق الهيمنة على النظام السياسي الفلسطيني وتريد إصلاحه، من خلال العودة للشعب الفلسطيني وإجراء انتخابات الشاملة، وأولى الخطوات العملية التوافق الوطني على المشاركة المباشرة أو غير المباشرة في العملية الانتخابية ككل، وتبدأ المشاركة في الانتخابات المحلية في مرحلتها الثانية التي تبدأ في مارس المقبل سواء بتشكيل قوائم وطنية مهنية أو دعم قوائم ستشارك في هذه الانتخابات. وينطبق نفس التوجه على انتخابات النقابات ومجالس الطلبة، والهدف من هذه الخطوة التأكيد للعالم أجمع أن منطق الهيمنة مرفوض وأن خيارات شعبنا بالمشاركة الشاملة عبر صندوق الاقتراع، وقيادة عملية التغيير في ظل تراجع المشروع الوطني بسبب السياسات الخاطئة.

[email protected]