فلسطين أون لاين

طِفلٌ في المغرب معه العالم.. وأطفال فلسطين لا أحد معهم

أحزننا موتُ الطفل المغربي "ريان".. وكم كنا نتمنى أن يُنقَذ ويُخرَج حيّا من البئر العميقة التي سقط فيها.. ولكنها مشيئة الله وقدره.. فتعازينا لأهلهِ، ولشعب المغرب الشقيق.

ولكن هل ريّان هو الطفل الوحيد الضحية في عالمنا العربي؟

ريّان ربما كان ضحية عدم انتباه الأهل الذين تركوا البئر بِلا غطاء، فسقط بهِ الطفل وهو يلعبُ بجانبهِ..

ولكم ماذا عن عشرات آلاف الأطفال الذين هُم ضحايا الحروب في عالمنا العربي؟

لن أتوسع كثيرا في الموضوع، سأقتصرُ على أطفال فلسطين.

لا يخفى على العالم مدى الإرهاب الذي تمارسهُ قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق أطفال فلسطين منذ عشرات السنين.

هؤلاء الأطفال الذين فجّروا بسواعدهم الغضّة الانتفاضة الأولى في أول كانون الأول/ ديسمبر عام 1987، انتفاضة الحجارة.. والتي وصفها الراحل "نزار قباني" بأجمل العبارات في ثلاثيةِ " أطفال الحجارة".. أو ثلاثية الغضب.

 كنتُ في ذاك الزمن في سفارة بلادي في بودابست.. ونظّم الطلبة السوريون والعرب مهرجانا احتفاليا تضامنيا مع أطفال الحجارة، وقد حضرتهُ مع الزملاء في السفارة، بمعنوياتٍ عاليةٍ جدا، فها هُم أطفال فلسطين يغسلون زمن العار العربي.

وأذابت حرارةُ الهتافات والتهليل والحماسة والتشجيع لأطفال الحجارة، أكوام الثلوج المتراكمة في شوارع بودابست في مثل هذه الأوقات من العام..

كم كان فخر العرب، وما زالوا، أطفال فلسطين..

هؤلاء الأطفال الذين وصفهم نزار قباني، ما زالوا حتى اليوم يرزحون تحت النير الإسرائيلي، ويعانون القمع والقهر والترحيل وهدم المنازل، والاعتقال والموت أمام منظر العرب والعالم، ولا يستحقون جميعهم ما استحقهُ طفلٌ واحدٌ ، تعاطفنا معهُ جميعا وحَزِنَّا عليه.

هل نسيتم منظر الطفل محمد الدُرّة وهو يحتمي خلف ظهرِ والدهِ علّه ينجو من الرصاص الإسرائيلي الغادر؟ وللأسف لم ينجُ.. فحملهُ والدهُ شهيدًا بين ذراعيه وعيونه تقطر دمًا على فلذة كبده.

هل نسيتم منظر الطفلة "هدى غالية" في تموز 2006 وهي تصرخُ مرعوبة وشعرها منكوشٌ: بابا.. بابا.. بعد أن مزّق صاروخٌ إسرائيلي غادر أجساد والديها وأخوتها، وهم على شاطئ "بيت لاهيا" شمال غزة ، ولم يبقَ من العائلةِ سواها، لأنها كانت تلعب على مسافةٍ بعيدة عنهم؟

كل أطفال فلسطين هُم الطفل "ريان" وأخوتهِ وأشقائهِ.. فكيف للمسؤولين في المغرب، الذين حزنوا على الطفل "ريان" أن ينسوا، أو يتناسوا كل ذلك، ولا يحزنوا على أطفال فلسطين، ويوقِّعون مع المجرمين، الذين قتلوا أشقاء "ريان"، كل تلك الاتفاقات العسكرية والأمنية والسيبيرية وغيرها؟

تضامنوا مع أطفال فلسطين بمقدار عشرة بالمائة من تضامنكم مع الطفل ريان.. فالعاطفة الإنسانية لا تنفصل.. ولا تتجزّأ.. مع كل تقديرنا لمشاعر الجميع.

لم تفُت الفرصة.. عوِّضوا عن الماضي.. أحيُوا ذكرى محمد الدرة، وهدى غالية، وأطفال فلسطين، في كل كتاباتكم ونشاطاتكم على وسائل التواصل الاجتماعي، في كل يومٍ قبل أن تخلدوا للنوم.. فهؤلاء جميعا هم أشقاء ريان، رحمه الله.