في غياب الشعب، يحتفي الثمانيني محمود عباس بمسيرة فشله الوطني، والمصفّقون حاضرون: نفرٌ يمجدون اتفاق أوسلو الملعون فلسطينيا، في أروقة المجلس المركزي ومنظمة التحرير، التي اختزلوها من ممثلٍ للشعب الفلسطيني، إلى أداةٍ لتتويجِ مَن ينحني طوعًا لرئيس السلطة، في لجنتها التنفيذية، على أنقاض الوطن السليب، في محاولةٍ بائسة لبيع وهم نفخ الروح في جثة مشروع التسوية الساقط.
تُنصّبه بطانته، التي تتصارع لخلافته، "رئيسًا لكل شيء": السلطة، وفتح، والمنظمة، لكن وحدها "الشرعية" تبقى حُلمًا لهذا الفريق، الذي أسقطها بإدارة الظهرِ للفصائل، ولقطاعات واسعةٍ من فتح نفسها، ولاجتماع الأمناء العامين، ولاتفاقات المصالحة العابرة للحدود.
اليوم، تبتهج (إسرائيل)، وينتشي البيت الأبيض، وتنتكس القضية الفلسطينية، في مشهدٍ يريدُ له عباس أن يستمر حتى إذا غاب، على يدِ من بايع "أوسلو"، وباع الشعب!
ولو كان الكاتبُ غسان كنفاني حيًّا لقال لمَن يدَّعون عقد "مركزي أوسلو" لـ"الثورة" على المحتل: "أنا أعرف ما الذي أضاع فلسطين: يكتبون عن فلسطين، وعن حرب فلسطين، وهم لم يسمعوا طلقة واحدة في حياتهم كلها".