تفيد معطيات المحاكم الرسمية أن عددت الزيجات في عام ٢٠٢١م بلغت (٢٠٧٨٦) معاملة، وأن معاملات الطلاق بلغت (٤٠٢١) معاملة، أي بنسبة (١-٥)، أي خمس من تزوجوا طلقوا زوجاتهم في عام الزواج نفسه؟!
هذه المعطيات الرقمية تدق جرس خطر مرتفع الصوت، لأن نسبة الطلاق بين الأزواج الشابة في السنة الأولى من الزواج هي نسبة مرتفعة جدًّا، ولم يمرّ بها قطاع غزة من قبل، وعليه يتفجر سؤال المشفقين على المجتمع وعلى الشباب حول ما السبب أو الأسباب التي أدت لذلك؟!
الإجابة عن السؤال تتعقد كثيرًا أمام من يدرس بيئة غزة، إذ يمكن وصف بيئة غزة بأنها معقدة، وتضربها تغيرات متوقعة وغير متوقعة. الأسباب متنوعة ولا شك، فمنها أسباب اجتماعية، وأخرى اقتصادية، وثالثة جهالة شرعية، ورابعة وسائل التواصل الاجتماعي ومضاره المنظورة وغير المنظورة.
وأبدأ بالتعليق على السبب الأخير أعني وسائل التواصل الاجتماعي، التي تعد المتغير الكبير الذي دخل على المجتمع، إذ يملك جل الشباب والصبايا جوالات خاصة يعيشون معها ساعات طويلة في الليل والنهار بلا رقيب، فيقعون فريسة سهلة للمواقع الشاذة والإباحية، ومواقع الموضة، ومسلسلات الخداع، والنموذج النسوي الشاذ، وهنا يريد الشاب أن تكون زوجته مثل فلانة في الجمال والملبس والمعاملة، وهي تريد زوجها مثل فلان الممثل في المعاملة، والغنى، والجمال، وخلاف ذلك؟! وحين لا يجد كل من الزوج والزوجة ما يريده، وما يتصوره بحسب مواقع النت، يدخل في أزمة تنتهي بالطلاق السريع، ويحسب أنه بالطلاق يحل مشكلته، وأن البديل المقدم من مواقع النت هو بين يديه، وعندها تدهسه الحقيقة القائلة إن الواقع ليس كالعالم الافتراضي المخادع الذي يعيش معه في مواقع النت بأحاسيس حالمة وغير واقعية.
إنه لو درس الزوج والزوجة من الشباب والصبايا واقع ما تعرضه المسلسلات ومواقع النت وحالات الطلاق بين الممثلين والممثلات لأخذوا العبرة والدرس الكافي والمقنع لكي يعيشوا واقع حياتهم، لا واقع الممثلين، وعندها يمكن أن ينتصر جيل الشباب على هذا السبب الفاسد، الذي أحمله المسؤولية الأولى عن ارتفاع نسبة حالات الطلاق بين الأسباب الأخرى، والتي قد أتعرض لها في مقال لاحق بسبب ضيق مساحة المقال.