مَن يملك فلسطين ليتنازل عنها؟! كيف تجرّأ مَن يُسمّون أنفسهم "الزعماء العرب" على التنازل عن أرض فلسطين المقدسة؟ مَن أجاز لهؤلاء أن يعترفوا بحق العدو الصهيوني الغاصب في فلسطين؟ كيف أجاز هؤلاء الحكام لأنفسهم أن يضحوا بأرض غيرهم وبشعب لا يخضع لهم، بأن يُقرِّوا بقاءه لاجئًا طريدًا شريدًا ذليلًا من أجل أن يرتاح أحبابهم اليهود في أرض العرب والمسلمين (فلسطين)؟!
إن المبادرة العربية التي وضع الأمير فهد بن عبد العزيز آل سعود أساسها عام 1981م وأقرتها القمة العربية في الرباط عام 1982م، ثم طورها أخوه الملك عبد الله وأقرتها قمة بيروت في عام 2002م، ثم أقرتها القمة العربية في الرياض في عام 2007م، وها هم يعيدون طرحها مجددًا، في ظلال الأزمة الخليجية وتوجهات الرئيس الأميركي ترامب نحو صفقة القرن، إنما هي مجرد أفكار مسخ، لا يمكن لها أن تحيا بين العرب والمسلمين ما بقي فيهم شريف واحد.
إن مبادرةً أقرت بقاء إسرائيل على 22% من فلسطين واستعدت للتطبيع معها على مستوى العالم الإسلامي كافة وتنفيذ حق العودة للاجئين الفلسطينيين بالقدر الذي يتم التوافق عليه مع إسرائيل، إنما تعبِّر عن عمق الهزيمة النفسية وضحالة الفكر السياسي الذي يتمتع به الزعماء العرب ومَن سار في ركبهم من ببغاوات العرب ومعاتيههم.
لماذا لا يتمسك زعماء العرب بتحرير فلسطين كل فلسطين وعودة القدس واللاجئين! لماذا هم متعجلون للسلام مع إسرائيل، وما يضيرهم لو بقي هذا الاحتلال الصهيوني بلا شرعية؟
باختصار شديد: إن الهدف الوحيد لهذه المبادرة إنما هو منح إسرائيل الشرعية القانونية ودمجها في المنطقة العربية، وليذهب الفلسطينيون إلى الجحيم.
ولذلك وجب علينا، وعلى كل حر شريف القول بأننا لن نسمح بمنح إسرائيل شرعية الوجود على أرضنا، وسيرى العالم أجمع كيف تتفكك إسرائيل وتندثر كبيت العنكبوت. وإن كان في العرب والمسلمين بقية من إيمان أو نخوة أو رجولة فما عليهم إلا أن يمدوا المقاومة الفلسطينية بكل احتياجاتها وستريح العالم من هذا الصداع المسمى (إسرائيل)، عندها لن تبقى لهؤلاء (زعماء العرب) كراسٍ يجلسون عليها لأنهم ربطوا مصيرهم بمصيرها، فبئس المسعى وبئس المصير.
"وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ"