فلسطين أون لاين

تقرير "مدينة الشمس والقمر" تعبث بها أيادي التهويد الإسرائيلي

...
آثار قديمة ما زالت شاهدة على أصالة خربة قرقش بسلفيت
سلفيت/ فاطمة الزهراء العويني:

قرية تعج بآثار يعود زمنها إلى نحو 1200 عام قبل الميلاد، تعود للحقبتيْن الرومانية والبيزنطية، ما جعلها مطمعاً للاحتلال الإسرائيلي، ليسرق آثارها وينسبها له، في محاولة من محاولاته للادعاء "زوراً" بملكيته الأرض.

قرية قرقش في السابق؛ كان يزورها أهالي محافظة سلفيت والمحافظات المجاورة، وكان الأطفال والفتية يسبحون في بركها ويستمتعون بها؛ حتى جاءت مستوطنة "اريئيل" الصناعية؛ وعزلتها من جهات ثلاث تاركة طريقا ترابية تصل إليها من بلدة بروقين؛ حيث جرف المستوطنون ما حولها وشقوا الطرق، وبنوا مصنعا ضخما للحديد لا يبعد عنها سوى عشرات الأمتار من الجهة الشرقية.

ورصد باحثون وجود 400 موقع أثري في محافظة سلفيت، منها ما جرفه الاحتلال، ومنها ما عزله بشكل تام مثل قرية الشجرة شمال سلفيت، ومنها ما عزله بشكل جزئي مثل قرية دير سمعان المنحوتة في الصخر، ومنها ما يدعي أنها لأنبيائهم من بني (إسرائيل) مثل مقامات كفل حارس التي تعود لحقبة صلاح الدين الأيوبي.

في السابق، كان أهالي كفل حارس ينظمون مهرجانا سنويا في ساحة المقامات، وقد توقفت تلك الاحتفالات مع ادعاء ومزاعم المستوطنين أنها تعود لأنبيائهم وتكرار تدنيسها من قبلهم بحماية جيش الاحتلال.

ويبين الباحث في مركز أبحاث الأرض الفلسطيني رائد موقدي، أن قرية "قرقش" تقع تحديدًا شمال بلدة بروقين في محافظة سلفيت وتحتوي على عدة قلاع وقبور تعود للعهديْن البيزنطي والروماني، إضافة لوجود قنوات وبرك مائية محفورة في الصخر تعود للعهد الروماني وتعكس تلك الحقبة التاريخية.

ممر للقوافل

ويشير موقدي إلى أن "القرية" كانت تشكل حلقة وصل بين بلاد الشام والحجاز خاصة بين جنوب بلاد الحجاز وشمال سوريا، حيث كانت القوافل التجارية كلها تمر منها وتستقر فيها لفترة طويلة.

ويقول: "المنطقة من ناحية جغرافية تقع في منتصف فلسطين التاريخية، وبالتالي لها أهمية استراتيجية كبيرة فهي مطلة على السهل الساحلي الفلسطيني".

ولكون "القرية" منطقة أثرية فهي مستهدفة إسرائيليًّا بالتهويد والاستيطان، "فقبل قرابة الشهرين سلم الاحتلال إخطارات لمزارعين قريبين من الخربة بإخلائها، فمعظم المزارع في المنطقة مزروعة بالزيتون ومهددة بالاقتلاع لهذا السبب".

ويشير لوجود حركة سياحية واسعة للمستوطنين الذين يزورون المنطقة بصورة دورية بادعاء أنها منطقة "إرث صهيوني" ما يولد احتكاكات مع المواطنين، بجانب قربها من المنطقة الصناعية الإسرائيلية "بركان" (لا تبعد سوى 200 متر هوائي عنها) زاد من استهدافها.

والمنطقة المجاورة للخربة خالية من السكان الفلسطينيين سوى بعض الأراضي الزراعية التي يتعرض أصحابها للتنكيل ومنع استغلال أراضيهم بحجة أنها "أراضي دولة"، بجانب أن السياح الفلسطينيين ممنوعون من الاستمتاع بزيارتها.

في حين يلفت الباحث خالد معالي من سلفيت، إلى تميز قرية قرقش بطبيعة شجرية خلابة تجمع بين الكهوف والبرك التي شكلت لجمع المياه، ورسومات على الصخر وخارطة للقرية الأثرية، عدا عن آبار مياه وطرق وممرات، ويسميها بعض المواطنين والمزارعين مدينة الشمس والقمر.

ويقول إن الرومان حفروا يدويًا بشكل هندسي متقن حصونهم، ومنازلهم، وكهوفهم، إذ كانوا على ما يبدو مهتمين جدًا بالسباحة، فثمة ثلاث برك كبيرة عمق الواحدة منها من ستة إلى سبعة أمتار.

ويعزو معالي تسمية القرية باسم "مدينة الشمس والقمر" لوجود نقوش الشمس والقمر على مدخلها الرئيس، وهي مقسمة إلى قسمين، العلوي يضم المساكن والمنازل المنحوتة في الصخر، والكهوف والآبار ومقالع الحجارة، وساحة المناسبات الكبيرة، ومعاصر العنب والزيتون، وجامع أرزة، في حين يضم القسم السفلي عددا من القبور والمدافن والأضرحة.

ويشير إلى اعتقاد بلدية بروقين بوجود آثار كثيرة في قرقش التي هُجرت منذ انتهت حقبة الرومان، لم يتم التنقيب عنها حتى اليوم.

ويبين معالي أن الاحتلال يسرق صخوراً من تلك الخربة ويضعها في المستوطنات التابعة له، لمحاولة تزييف التاريخ لصالحه وإعطاء صفة تاريخية لها.

ويلفت إلى وجود أمر عسكري إسرائيلي يمنع ترميم القرية، لكونها مصنفة بحسب اتفاقية أوسلو ضمن المناطق (ج)، ما يعني أن السيطرة الأمنية والعسكرية عليها بيد الاحتلال بشكل مباشر، ما يحول دون قدرة الفلسطينيين على حمايتها فتتعرض لكل أنواع التزييف والتغيير والتهويد، في الوقت نفسه تمنع السلطة التنقيب عن الآثار في المنطقة.