من المفترض أن المجلس الوطني هو أعلى سلطة تشريعية تمثل الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها.
ولكن المجلس بصورته الحالية يفتقر إلى مقومات القوة التي تؤهله للقيام بالمهام المنوطة به.
هذا المجلس الذي جرى تهميشه على مدار السنوات الماضية، وتم تفريغه من مضمونه، وأصبح الهدف من عقده هو خدمة أجندة السلطة، وتلميع صورة الرئيس، والتقاط الصور التي تظهر التفاف الفصائل حوله، بغضّ النظر عن مواقفها.
فالمتابع لدورات عقد المجلس يجد أنه عُقد في العام ١٩٩٦م، ثم انقطع عن الانعقاد أكثر من ٢٢ عاما، ثم عُقد عام ٢٠١٨م بصورة هزليّة، رغم معارضة الجبهة الشعبية ومقاطعتها للاجتماع.
وحتى مخرجات الاجتماع فارغة المضمون؛ لأن السلطة سحبت صلاحياته بشكل أو بآخر، وتتحكم بقراراته، وهي التي تمنحه موازناته ومخصصاته، فلذلك نجد أن قراراته هي قرارات السلطة ورئيسها.
وفي ضوء ذلك، فالمطلوب قبل عقد المجلس الوطني هو الآتي:
١. يجب أن يمثّل المجلس الوطني جميع الفلسطينيين في الداخل والخارج، ولذلك يتحتّم على منظمة التحرير إضافة الحركات والتنظيمات غير المنضوية تحت جناحها، وعلى رأسها "حماس والجهاد"، وتسهيل دخولهم للمنظمة، وعدم وضع العراقيل والشروط أما انضمامهم.
٢. تشكيل قيادة فلسطينية وطنية جديدة لمنظمة التحرير، تُمثّل جميع الفلسطينيين، وتلقى قبولا وإجماعا فلسطينيين، فمن غير المقبول تفرّد فصيل واحد بالقرار الوطني، وعزل بعض الحركات التي تمثل قطاعا واسعا وعريضا من شعبنا الفلسطيني.
٣. التوافق على طريقة مناسبة لتشكيل مجلس وطني جديد، سواء بالانتخابات أو بالتوافق، ويكون ممثلا لجميع أبناء فلسطين في الداخل والشتات، وينبثق عنه مجلس مركزي جديد، ولجنة تنفيذية جديدة، تحمل رؤية وطنية توافقية، واستراتيجية لإدارة الصراع مع العدو.
٤. لا بد من إعادة الدور التاريخي والمحوري لمنظمة التحرير، وعدم السيطرة على قرارها، وأعضائها، وتكون هي المرجعية للسلطة، وليس العكس، فالمنظمة اليوم تعاني التهميش، وسلب القرار.
٥. التوافق على برنامج سياسي، ومسار وطني، ورؤية سياسية لقضيتنا الوطنية؛ لمواجهة التحديات الراهنة، وتؤسس لمرحلة جديدة من الوحدة، ومواجهة الاحتلال.
٦. مطلوب من الجميع قبول الآخر، وعدم التفرد بالقرار الوطني، والابتعاد عن سياسة إقصاء الآخر، بل يجب أن نجتمع تحت سقف قضيتنا الوطنية العادلة، وأن ننبذ خلافاتنا الحزبية؛ لأن الوطن أكبر من الجميع، ويحتاج منا المزيد من العطاء الوطني، والتوافق السياسي.
وخلاصة ذلك، فالمطلوب قبل التفكير في عقد المجلس الوطني، أن ينضوي الجميع تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، بل وأن تُسهّل الطريق لانضمام مَن هم خارجها، والتوافق على إعادة تشكيل المجلس الوطني، بحيث يكون ممثلا لجميع قطاعات الشعب الفلسطيني، والتوافق على مسار سياسي وطني، ويقبل بعضنا الآخر، ونبتعد عن سياسة التفرد والتهميش والإقصاء، كلّ ذلك مطلوب حتى نعيد للمنظمة هيبتها، ومكانتها، ونعيد للمجلس الوطني فاعليته وقراراته.