القرارات الذكية تستحق الثناء والتقدير، وأخص بذلك قرار وزارة التربية والتعليم العالي، والقاضي بتأجيل دوام طلاب المدارس من الساعة السابعة إلى الثامنة صباحاً، قرار انعكس بالراحة على الطلاب وذويهم ومعلميهم، وينم عن الوعي بحالة الناس، والأحوال الجوية التي قد تكون السبب وراء تأجيل الدوام الصباحي لمدة ساعة.
حديث المعلمين وأولياء الأمور يتركز هذه الأيام على أهمية استمرار العمل بهذا التوقيت المريح للجميع، ويتحدث أولياء الأمور عن المشقة التي تواجههم في إيقاظ أطفالهم فجراً للاستعداد للمدرسة، حيث يذهب معظم الطلاب دون تناول طعام الإفطار، رغم أهمية الإفطار لصحة الطالب الجسدية والعقلية معاً، ويتحدث المدرسون عن حجم الوجع الذي ينصبُّ على رؤوسهم من موعد الدوام المبكر، ومن تأخر الطلاب في الصباح عن دوام الساعة السابعة، وعن حجم المشكلات والمعاناة، وهم يستنهضون طاقة الطلاب، ويوقظون قدراتهم على الاستيعاب صباحاً، لذلك يناشدون الوزارة بأن تواصل العمل بهذا التوقيت على مدار السنة التعليمية بكاملها.
في الجامعات الفلسطينية؛ لا يبدأ دوام الطلاب قبل الساعة الثامنة، وهذا التوقيت مريح للطلاب ومريح للمحاضرين، وقد يشكل مقياساً لوزارة التربية والتعليم العالي، لتأخذ بهذا التوقيت على طول المدى، ولا تقرن تأجيل الدوام الصباحي في هذه الأيام بالأحوال الجوية، وإنما بالأحوال الاجتماعية والحياتية، فمع توفر الطاقة الكهربائية، ومع تطور أجهزة التواصل الحديثة، صار السهر ليلاً أمراً منطقياً، ومنسجماً مع التطورات الحضارية، ولم يعد الناس ينامون مبكراً، لمجرد الانتهاء من صلاة العشاء.
إن اختلاف معايير الحياة بين جيل وآخر لتحتم على صاحب القرار أن يكون واقعياً، وأن يتفهم المزاج الجماهيري، وحاجة الناس لمواصلة العمل بقرار بدء الدوام المدرسي تمام الساعة الثامنة صباحاً، ولكل مراحل التعليم، لأهمية هذا القرار في إنجاح العملية التعليمية، وتحفيز مئات آلاف الطلاب على الانضباط، فتطويع أوقات الدوام المدرسي بما يتوافق وحاجة الطلاب، ضرورة، تسهم في تطوير قدرتهم على استيعاب تجارب الحياة.
في مصر العربية، وهم الجيران الأقرب لقطاع غزة، لا يبدأ دوام المدارس قبل الساعة الثامنة صباحاً، وهم أقرب إلى المحاكاة من حيث ضيق المدارس، وعمل المدرسة على فترتين، وقد تم التغلب على هذه الضائقة من خلال اقتصار الحصص على خمس فقط، ولا حاجة إلى الحصة السادسة لبعض المراحل، خمس حصص نافعة أجدى من الحصة السادسة، التي تثقل بزمنها على الطالب والمدرس معاً، وقد دللت وسائل التواصل الحديثة على قدرتها في تعويض ساعات الدوام الفعلي في المدرسة بأنشطة وفعاليات منزلية، وأزعم أن كثرة توظيف وسائل التواصل الحديثة في العملية التعليمية، فيه تثقيف للطلاب بآلية استخدام هذه الوسائل، بما يفيد، وبعيداً عن استنزاف الوقت بمشاهدات عبثية غير مجدية.
ملحوظة: بإمكان وزارة التربية والتعليم استمزاج رأي أولياء الأمور والمدرسين بالسؤال التالي:
هل استمرار العمل بدوام الساعة الثامنة صباحاً أكثر جدوى للعملية التعليمية؟ أم العودة إلى دوام الساعة السابعة صباحاً أكثر جدوى؟