فلسطين أون لاين

​"نتنياهو" يغتصب القيم الإنسانية

يزعم "نتنياهو" أن دولته هي الوحيدة التي تتمتع بالحرية والديمقراطية، وسط غابة من الوحوش العرب، لكن ما يقال شيء والواقع شيء آخر؛ فصحيح أن الحكم ظاهره ديمقراطي، ولكنه للمحتلين فقط، وباطنه فيه العذاب، في الوقت الذي يهجر ويطرد الشعب الفلسطيني من أرضه وتصادر لمصلحة التوسع الاستيطاني، تحت مسميات إنسانية نبيلة، الهدف منها هو سلب حياة الفلسطينيين من أرض وموارد ومقدرات وتاريخ وتراث، بطريقة ماكرة لا تثير المجتمع الدولي الرافض للاستيطان.

آخر شطحات وصرعات "نتنياهو" في تضليل المجتمع الدولي هي وضعه حجر الأساس لإقامة كلية طب وكلية تراث، في جامعة مستوطنة (أريئيل) شمال سلفيت شمال الضفة، بمشاركة من يسمى وزير التعليم "نفتالي بينت"، مستغلًّا كعادته احترام العالم للقيم الإنسانية الرفيعة النبيلة، مثل مهنة الطب التي لا يختلف في شأنها اثنان.

وضع حجر الأساس لكلية الطب يوم الخميس الماضي ليس لهدف إنساني بقدر ما هو تثبيت وفرض وقائع الاستيطان على الأرض بالقوة الناعمة المخادعة، وهو بمنزلة اغتصاب للقيم الإنسانية؛ فإن تجمع مستوطنة (أريئيل) المكون من 25 مستوطنة، وممتد من حاجز زعترة جنوب نابلس وشرق سلفيت حتى كفر قاسم في الـ(48)؛ يؤكد الاحتلال أنه سيضمه إلى كيانه ولا انسحاب منه في المفاوضات المستقبلية.

إقامة كلية طب فوق أرض مسلوبة بالقوة والقهر والجبروت هي محاولة لتضليل الرأي العام والمجتمع الدولي عن حقيقة الاستيطان، باستغلال المعاني الإنسانية ومهن الطب السامية والنبيلة لقهر وسلب شعب وطرده من أرضه.

المطلوب من المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي فضح أهداف ومرامي الاحتلال الماكرة، وذلك بعدم الاعتراف بجامعة مستوطنة (أريئيل) ولا بكلياتها، ومن ضمنها كلية الطب وكلية التراث لاحقًا، كونها أقيمت فوق أراضي يقول القانون الدولي عنها إنها محتلة، ويمنع إقامة منشآت تتبع "الدولة" المحتلة فوقها.

الاحتلال أغرق محافظة سلفيت بالمستوطنين تحت ستار التعليم والمهن الإنسانية النبيلة، في محاولة لتضليل وخداع المجتمع الدولي، وذلك على حساب المزارعين الفقراء والبسطاء الذين فقدوا مصدر دخلهم من الأراضي المصادرة بالقوة، لمصلحة التوسع الاستيطاني، وبات المجتمع الفلسطيني فقيرًا بسبب الاحتلال.

المؤسف أنه لم يحدث الفلسطينيون حراكًا على قدر الحدث؛ فبات أمر الاستيطان عندهم ميئوسًا منه ولا طاقة لهم به، كما قالت "عميرة هس" الكاتبة في كيان الاحتلال.

القانون الدولي لا يجيز الاستيطان، ولم يستغل الفلسطينيون قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن الجدار الذي قضت بإزالته وتعويض الفلسطينيين، ولا قرار مجلس الأمن رقم (2334) الاستغلال المطلوب، فلماذا هذا التراخي من الفلسطينيين والعرب المؤسف وغير المقبول إطلاقًا؟!

خيارات متعددة ومتاحة وكثيرة جدًّا لمواجهة وتحدي الاستيطان؛ فيكفي أن المجتمع الدولي يرفضه، ولكن الرفض لا يكفي، وهذا منوط بأصحاب القضية، و"نتنياهو" يتحدى القانون الدولي لمعرفته أنه لا يوجد ضغط حقيقي عليه، وهذا ليس بسبب تركيبة المجتمع الدولي، ولكن بسبب عدم التحرك العربي والفلسطيني السليم في مواجهة الاستيطان، الذي يكتفي في الأغلب ببيانات الشجب والاستنكار التي تفرح وتبهج "نتنياهو"، "وكفى الله المؤمنين القتال".