فلسطين أون لاين

"كف" البدوي الفلسطيني في النقب يواجه "المخرز" الإسرائيلي

ألقت الاحتجاجات الأخيرة التي فجرها البدو الفلسطينيون في صحراء النقب الضوء مجددا على الواقع البائس الذي يحياه فلسطينيو الـ 48 في فلسطين المحتلة، خاصة مع اتساع رقعة استهدافهم، وانتقالها من أوساط النخب العسكرية والأمنية إلى الإسرائيليين عموما، خاصة في ظل الأوضاع المعيشية والاجتماعية والاقتصادية.

لقد أكدت السنوات السبعون الأخيرة بما لا يدع مجالا للشك أن الوجود العربي الفلسطيني في صحراء النقب خصوصا، يعاني من السياسة الإسرائيلية العامة تجاههم، بوصفهم أقلية عربية، ولهذا الوجود خصوصيته وظروفه الموضوعية الخاصة، لأنه منذ عام 1948 جاء التركيز الإسرائيلي على تهجير معظمهم خارج الحدود.

وقضت السياسة الإسرائيلية المتبعة بعد إفراغ القرى العربية، بتجميع سكانها الباقين ومحاصرتهم داخل مراكزها، ومنع حركة التنقل فيها، فكان الهدف الأول تهويد المناطق الفلسطينية، ومحو معالمها التاريخيّة، بتنفيذ عمليات هدم جماعي للمباني المتروكة.

تتناول التقارير الإسرائيلية بقلق ظاهرة تمدد سكن العائلات البدوية، رغم سياسة عدم الاعتراف بقراهم، ولا تخلو هذه التقارير من تناول الظاهرة بأدوات ومضامين عنصرية، ولا تتردد بوصفها "خطرا ديموغرافيا"، "شبحا ديموغرافيا"، "ظاهرة خطِرة"، "نهاية العالم"، "احتلالا عربيا"، "سيطرة عربية"، أو "تطورات ديموغرافية مثيرة للقلق".

فيما يذهب بعض المسؤولين الإسرائيليين للقول إن الحديث عن حملة منظمة من قبل البدو للسيطرة على هذه المناطق، مع العلم أن المستوطنات الإسرائيلية المقامة في قلب صحراء النقب أقيمت في إطار مخطط تهويد فلسطين التاريخية، وهي قائمة على أراضي القرى العربية المحيطة بها، وتمت مصادرتها.

وفي ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على القرى العربية، إضافة لسياسة المصادرة، فقد بات تطور واتساع هذه القرى محدودا، علاوة على الجمود والإجراءات المعقدة التي لا تنتهي لعملية توسيع مسطحات البناء في أي خارطة هيكلية لأي بلدة عربية، وأدى من ثم إلى تضييق حيز السكن مع الزيادة السكانية؛ ما يدفع الأجيال الشابة للبحث عن أماكن أخرى قريبة للسكن.

غني عن البيان الإشارة إلى أن هذه المستوطنات الإسرائيلية التي أقيمت لتهويد فلسطين التاريخية لم تأخذ في الحسبان عملية "الزحف العربي" إليها في ظل السياسة العنصرية القائمة تجاه العرب، ونتيجة لهذه السياسة، ومع ارتفاع نسبة السكان البدو فيها، فقد بات هناك حاجة مُلِحَّة لتوفير خدمات خاصة بهم، ولا سيما في مجال التربية والتعليم، كإنشاء المدارس، وإقامة مؤسسات ثقافية وخدماتية وأطر تربوية، وفضاء خاص يتلاءم واحتياجاتهم وخصوصياتهم.

هذا يفرض على فلسطينيي النقب تعزيز تنظيمهم ووحدتهم من أجل المطالبة بتحصيل هذه الخدمات، بجانب الاحتجاجات المتواصلة الرافضة لسياسة الاستيطان بينهم، مع تبدد مخاوف سابقة مع تراجع مخطط "الأسرلة"، وتنامي الشعور بالهوية القومية الفلسطينية.