فلسطين أون لاين

عن أي مفاوضات يتحدث الأردن؟

 

بهدف كسر الجمود، وتحريك مياه المفاوضات الراكدة، يتحرك الأردن العربي بالتنسيق مع مصر العربية لإحياء المفاوضات بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، مفاوضات تحظى بدعم الإدارة الأمريكية، ولا تغضب منها (إسرائيل)، ما دام الحديث عن مفاوضات دون أفق زمني، ودون شرط وقف الاستيطان، ودون نتائج مضمونة يتلهف لتحقيقها الشعب الفلسطيني.

ومن واشنطن، يتحدث الأردن بلسان وزير الخارجية أيمن الصفدي عن العودة إلى المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها سنة 2014، فهل معنى ذلك أن الأردن سيلزم (إسرائيل) إطلاق سراح 32 أسيرًا فلسطينيًّا، تعتقلهم (إسرائيل) من قبل التوقيع على اتفاقية أوسلو 1993؟ بعضهم تجاوز الأربعين عامًا خلف الأسوار، وكان قد تم الاتفاق على إطلاق سراحهم نهاية شهر مارس 2014، كجزء من اتفاق العودة إلى المفاوضات سنة 2013، فهل يقدر الأردن العربي أن يطلق سراحهم قبل الشروع في المفاوضات؟ ذلك مع تجاهل ثماني سنوات من سياسة الأمر الواقع التي فرضها الاحتلال على أرض الضفة الغربية، وتمثلت بتوسع الاستيطان، وقتل مئات من الفلسطينيين، واعتقال آلاف الأسرى، وهدم مئات البيوت.

ولتنشيط الذاكرة العربية، لا بد من تأكيد أن الإدارة الأمريكية، كانت قد توصلت سنة 2013 إلى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يقضي باستئناف المفاوضات لمدة عام واحد، شرط أن تطلق (إسرائيل) سراح المعتقلين الفلسطينيين المحتجزين قبل اتفاقية أوسلو، على أربع دفعات، وفي المقابل؛ تمتنع السلطة الفلسطينية عن التوجه للانضمام إلى المنظمات الدولية، بعد أن تم الاعتراف بفلسطين دولة غير كاملة العضوية، وضمن الاتفاقية؛ أطلقت (إسرائيل) سراح 78 سجينًا من ذوي الأحكام الخفيفة على ثلاث دفعات، وأبقت (إسرائيل) على الدفعة الرابعة، والتي تضم 32 أسيرًا من ذوي الأحكام العالية، مؤبد وما فوق، ومعظمهم من سكان القدس وعرب 48، ولم يطلق سراحهم حتى يومنا هذا من سنة 2022.

نشاط الأردن لاستئناف المفاوضات مع الإسرائيليين ليس جديدًا، ففي 3 يناير/كانون الثاني 2012، رعى الأردن لقاءات فلسطينية إسرائيلية سرية، جرت في الأردن، نشاط الأرض لعقد مفاوضات أو لقاءات يجيء هذه المرة ليكمل مضمون اللقاء الذي عقد بين رئيس السلطة محمود عباس مع وزير الحرب بني غانتس، والذي أعقبه لقاء الملك عبد الله الثاني مع وزير الحرب نفسه في عمان، وهذه اللقاءات لا تعطي سمنًا، ولا تعصر زيتًا، فقد قرر رئيس الوزراء نفتالي بينت بأنه لن يتفاوض مع الفلسطينيين، وهذا ما أكده خلفه في رئاسة الوزراء، وزير الخارجية يائير لبيد، فكلاهما أكد أن لا لقاء مع عباس، ولا مفاوضات سياسية، ولا إمكانية لإقامة دولة فلسطينية، ليبدو وزير الحرب غانتس معزولًا بقراره الفردي عن مجمل الحكومة التي يسيطر عليها اليمين، وترفض أي شكل من أشكال الحلول السياسية مع الفلسطينيين.

إن الهدف من الدعوة إلى استئناف المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية الحالية لا يهدف إلا لإنقاذ ما تبقى من سلطة فلسطينية توشك على الانهيار، والهدف من هذا الحراك هو احتواء الأوضاع المتفجرة في الضفة الغربية، وعدم السماح بتصعيد المواجهات مع المستوطنين الصهاينة والجيش الإسرائيلي، وهذه قمة الخطيئة السياسية، لأن انفجار الأوضاع، واشتعال الساحات، وإرباك حالة الهدوء والأمن الإسرائيلي، هي القوة الضاغطة على الحكومات الإسرائيلية بمختلف مشاربها السياسية والفكرية.

والحال هذه، فإن العودة إلى المفاوضات لن تحقق ما يرجوه العرب من استعادة الأرض المحتلة سنة 67، والعودة إلى المفاوضات قد تنقذ السلطة الفلسطينية من ضائقتها المالية، وقد تعيدها إلى طاولة الحدث السياسي، ولكنها لن تنقذ السلطة من غضب الشعب، ولن يطفئ هذا الحراك جمر النيران المتقد في قلوب الشباب الفلسطيني، وراح يشتعل مواجهات على أرض الضفة الغربية.