قبل أربع سنوات كان القرار الأكثر إثارة للجدل الذي اتخذه الفريق جبريل الرجوب، رئيس الكل الرياضي الفلسطيني (المجلس الأعلى للشباب والرياضة، اللجنة الأولمبية، اتحاد كرة القدم، الكشافة، والمرشدات)، إزاحة الكابتن عبد الناصر بركات عن منصبه مديرًا فنيًّا للمنتخب الوطني الأول "الفدائي"، وتعيين البوليفي خوليو سيزار.
القرار كان ثلاثي الأبعاد، فإلى جانب إزاحة بركات المدرب الناجح عن المنتخب الوطني، جاء التعاقد المفاجئ مع البوليفي خوليو سيزار، حيث أعلن ذلك في المملكة العربية السعودية تركي آل الشيخ، الرئيس السابق لهيئة الشباب والرياضة السعودية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى تعيين عبد الناصر بركات مديرًا فنيًّا للاتحاد بدلاً من الكابتن أحمد الحسن المدير الفني الناجح في ذلك الوقت، الذي كان يؤسس لحالة فنية جيدة للكرة الفلسطينية، كانت الكارثة ثلاثية الأبعاد، التي ما زالت كرة القدم الفلسطينية تُعاني بسبب ذلك القرار.
وبعد أربع سنوات تزداد قناعتنا أنه قرار غريب عجيب لا مُبرر له، والذي نعرف أسبابه ولكن دون أدلة مادية لعرضها على الشارع الرياضي، ولا سيما فيما يتعلق بتوقيت تعيين خوليو سيزار مديراً فنياً جديداً، الذي لم يستمر في منصبه سوى ثلاثة أشهر فقط قبل الإعلان عن إقالته دون نشر الخبر على صفحة الاتحاد.
اليوم وبعد أن كان ترتيب فلسطين (72) على سلم تصنيف الفيفا بفعل النتائج الإيجابية التي حققها المنتخب بقيادة عبد الناصر بركات الذي تولى المهمة رسمياً في فبراير من عام 2015، حيث استقر في منصبه ثلاث سنوات متتالية، قاد خلالها المنتخب في العديد من المشاركات الخارجية، التي نجح خلالها في صناعة الاستقرار الفني في صفوف المنتخب، والذي أسفر عن تحقيق المنتخب سلسلة طويلة دون هزيمة في (11) مباراة متتالية، وهو الرقم الذي لم يسبقه لتحقيقه أي مدير فني قاد المنتخب الوطني منذ عام 1994 وحتى يومنا هذا.
على الصعيد الشخصي والمهني لدي قناعة أن ما حدث وسيحدث سواء أكان أمرا جيدا أو سيئا، قدر الله وإرادته، وليس لدي مكان لكلمة (لو)، ولكن عندما نتحدث عن استخلاص العبر والإصلاح، نسترجع ونستذكر كل الأحداث حتى يكون تشخيص الأمر دقيقاً.
وبكل تأكيد فإن كل من حدث منذ عام 2017 وحتى يومنا هذا، انعكس سلبياً على مسيرة كرة القدم الفلسطيني عامة ومسيرة المنتخب الوطني خاصة، حيث شهدت السنوات الثلاث الماضية تراجعاً كبيراً في المستوى الفني للمنتخب، ومن ثم تراجع تصنيفه على سلم الفيفا بسبب عدم استمرار النتائج الإيجابية للمنتخب في كل مشاركاته.
فقد كان قرار إبعاد عبد الناصر بركات عن قيادة المنتخب الوطني قراراً مليئاً بالأخطاء، وتمت معالجة الخطأ بخطأ آخر، وهو تسليمه مهام الناجح أحمد الحسن في الإدارة الفنية للاتحاد، والأدهى والأمر أن كل الأصوات المنادية بإعادة الكابتن عبد الناصر بركات لقيادة المنتخب لم تلقَ أي آذان صاغية من رئيس الاتحاد، وهو يعلم أن عودة بركات سيكون لها دور في وضع حد للتدهور في النتائج والتراجع.
إن سياسة التفرد في القرارات التي ينتهجها الفريق جبريل الرجوب تسببت وستتسبب في حال استمرارها بمزيد من التراجع والتخبط، ولا سيما أن هذه السياسة نابعة من شخصية لا تسمع أحداً غير صوتها، ولا ترى أحداً غير نفسها.
اليوم نحن ننتظر توصيات لجنة تقييم الحالة الفنية لاتحاد كرة القدم التي تم تشكيلها لمعرفة أسباب الإخفاقات المتتالية لجميع المنتخبات الوطنية، فإن هذه التوصيات سيكون لها ما بعدها، إما أن تكون هناك وقفة ومراجعة وإشراك الجميع في عملية البناء والتطوير، أو الاستمرار في نفس النهج، حيث يُرجح الكثيرون أن التغيير سيكون شكلياً وليس جوهرياً، بهدف امتصاص غضب الشارع الرياضي من جهة، وإسكات الأصوات الإعلامية المُنادية بالتغيير والإصلاح من أجل منتخبات وطنية مُنافسة عربياً وقارياً ودولياً.
في الختام، أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، والعودة إلى الوراء قليلاً من أجل الانطلاق من جديد، والأهم من هذا وذاك هو تغيُّر الفكر والثقافة والعقلية التي يُدار بها اتحاد كرة القدم.