فلسطين أون لاين

​بعد مماطلة رام الله في تحويله للعلاج داخل مستشفيات الـ48

مولود يرتدى الكفن يوم العيد

...
غزة - أدهم الشريف

اجتهد بلال العرعير (25 عامًا) وزوجته في تحضير ملابس العيد لمولودهما البكر مصعب، ولم يكونا يعلمان أنه سيرتدي الكفن في ثاني أيام عيد الفطر.

على إثر ذلك، بات الزوجان في حالة لا يحسدان عليها بعد وفاة المولود في حضانة مجمع الشفاء الطبي بعد "مماطلة" وزارة الصحة في حكومة رامي الحمد الله بنقله للعلاج داخل مستشفيات الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 48، حسبما قال والد مصعب لـ"فلسطين".

وكان مصعب ولد وقلبه خارج الرئة، وهو أمر ليس من المستحيل علاجه حسبما أخبر أطباء في غزة عائلة المولود مصعب.

"اكتشفنا أنه يعاني من مشكلة صحية أثناء الحمل وتحديدًا وهو في الشهر الثامن. لم يتمكن الأطباء من فعل شيء آنذاك وطمأنونا أن حالته عادية، وطلبوا منا الانتظار حتى تتم الولادة" قال بلال.

"ما إن رأى مصعب النور، أوصى الأطباء بغزة بضرورة تحويله للعلاج في أراضي الـ48، وبذلك بدأنا في إجراءات تحويله إلى هناك".

سارع الأب بلهفة في إنهاء إجراءات التحويلة عبر الجهات الرسمية في غزة، وتمكن من ذلك في اليوم الثاني لولادة مصعب.

"تواصلت الجهات المختصة في غزة مع نظيرتها في الضفة الغربية، ولم يكن هناك رفض لتحويله للعلاج، ومع ذلك بدأت المماطلة".

ويشير الأب إلى أن المولود رغم أنه يعاني من حالة صحية صعبة، إلا أن حركته كانت كثيرة وتدل على استقرار وضعه الصحي، حتى الأطباء اضطروا لإبعاده عن مواليد آخرين كانوا بجواره خشية أن يؤذيهم.

تراجع صحي

لكن مع مرور الوقت بدأت حالة المولود تتراجع، في الوقت الذي ماطلت فيه رام الله بتحويل للعلاج.

في المقابل، أبدت مستشفى "تل هشومير"، في منطقة "رمات جان" القريبة من مدينة "تل أبيب"، بعدما رأت حالة المولود، موافقتها على استقباله لتقديم العلاج وإجراء العمليات اللازمة.

"لكن المماطلة كذلك حالت دون سفر مصعب للعلاج" كما يقول والد الطفل.

استمرت عائلة المولود في سعيها لتحويله منذ أن أبصر الحياة، إلى أن مضى أسبوعا من عمره، بينما حالته كانت في تراجع مستمر.

يضيف بلال: "كانت الجهات المسؤولة في رام الله على علم بتطورات حالة الطفل الصحية، ولم تبدِ استعدادا واضحا من طرفها لإنقاذه، خاصة أن أطباء في غزة أكدوا لنا إمكانية علاجه في مستشفيات الـ48".

وتبدو عائلة المولود مصعب، آسفة جدًا بعد "قبول اليهود بعلاج المولود، ورفض الجهات الفلسطينية في رام الله تحويله للعلاج".

وكان نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا فيديو للمولود وهو في حضانة مجمع الشفاء الطبي، وظهر قلبه واضحًا وهو ينبض من خارج القفص الصدري.

وأبدى رواد هذه المواقع تعاطفهم الشديد مع المولود، وطالبوا بالإسراع بتحويله للعلاج في الخارج لكن كل الجهود في هذا الإطار لم تنجح.

وكانت قطة تعود ملكيتها لمواطنة أوكرانية تقيم في غزة حصلت على تحويلة للعلاج في (إسرائيل) عبر معبر بيت حانون "إيرز"، شمالي قطاع غزة، أثارت موجة ردود فعل غاضبة على عدم قبول رام الله بتحويل عدد من الأطفال حديثي الولادة من غزة للعلاج في مستشفيات الداخل المحتل.

أما مصعب، فاستمرت حالته بالتدهور إلى أن أعلن عن وفاته في ثاني أيام العيد، تلك المناسبة التي انتظرتها العائلة لتزداد فرحتهم بالمولود الجديد.

تقول جدة المولود المتوفى، وهي والدة شهيد قضى في العدوان الأخير على غزة صيف سنة 2014: "لو بقي مصعب على قيد الحياة كان العيد عنا عيدين. لكن راح العيد وراح مصعب معاه".

وتتساءل الجدة صبحية العرعير: "ما ذنب هؤلاء الأطفال ليعاملوا هكذا؟".

أما والد مصعب، فلم يبقَ له من ذكرى نجله سوى مجموعة صور ومقاطع فيديو قصيرة احتفظ بها على هاتفه النقال، يقلبها كلما اشتاق لنجله.