أثار استدعاء رئيس السلطة في رام الله محمود عباس للقاء وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس، في منزل الأخير بمستوطنة "روش هعاين" وسط فلسطين المحتلة؛ الكثير من التساؤلات عن سبب هذا التصرف المفاجئ والصادم والمنافي للكرامة الوطنية الفلسطينية ومعاناة أهالي الشهداء، والجرحى، واللاجئين، والمتصدين لانتهاكات الاحتلال ومستوطنيه في القدس والضفة، وكل فئات الشعب الفلسطيني، في أماكن وجودهم كافة.
وتزامن هذا الاستدعاء وتصاعد وتيرة الأعمال المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، في القدس المحتلة بتزايد عمليات الطعن ضد انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه، وضد المتسللين من مستوطني الاحتلال وجنوده إلى أراضي الضفة الغربية، واعتداءاتهم على المواطنين ومنازلهم وممتلكاتهم من سيارات ومحال وأشجار مثمرة.
وفي رد فعل طبيعي على ما يقوم به الاحتلال ومستوطنوه من اعتداءات تشكلت مجموعات شعبية للتصدي لهذه الانتهاكات، في سابقة لم تعهدها سلطة التنسيق الأمني ولا الاحتلال الإسرائيلي الذي منح السلطة وأجهزتها الأمنية دورًا وظيفيًّا يقضي بتوفير الحماية للمستوطنين والجنود التائهين في أراضي الضفة أو المعتدين على المواطنين وممتلكاتهم فيها، وهو ما أثار حنق المواطنين الفلسطينيين بالضفة، خاصة بعد حادثة إنقاذ أجهزة السلطة اثنين من المستوطنين تسللا إلى قلب مدينة رام الله وكشف أمرهما وتصدى لهما المواطنون، مطلع ديسمبر 2021، فضلًا عن اعتقال أجهزة السلطة منتفضين ضد الاحتلال في (بيتا وبرقة) قضاء نابلس، ولا يزال بعضهم قيد الاعتقال السياسي حتى اللحظة.
وكعادتها وشت وسائل الإعلام العبرية بالتعهدات التي ألزم فيها "عباس" نفسه أمام "غانتس"، إذ قالت هيئة البث (الإسرائيلي) الرسمية، يوم أمس: "إن عباس أكد لغانتس استمرار أجهزة الأمن الفلسطينية في ملاحقة المقاومة بجنين والضفة، كما أكد علمه بمخططات حركتي حماس والجهاد الإسلامي لإشعال الضفة"، حسب قولها، مضيفة: "إن عباس أكد لغانتس أنه لا يمكن التنازل عن التنسيق الأمني تحت أي ظرف، وأن سلطته تسيطر على الوضع".
أضف إلى ذلك تغريدة وزير خارجية الاحتلال يائير لبيد عن لقاء "عباس" مع "غانتس" إذ قال: "الاجتماع بين غانتس وأبي مازن مهم لأمن (إسرائيل) ومكانتها الدولية، التنسيق الأمني والمدني مع السلطة ضروري لأمن (إسرائيل)، ويقوده غانتس بشكل مسؤول ومهني".
ومن الملاحظ أنه لم يأتِ أي تصريح للاحتلال على ذكر الأفق السياسي أو الحال السياسي كما يزعم وزير الشؤون المدينة في سلطة رام الله حسين الشيخ، الذي حضر اللقاء، وحاول تبريره عبثًا.