مع بداية العام الجديد، استيقظ الإسرائيليون على سقوط صاروخين قرب شاطئ (تل أبيب) وهي المرة الأولى منذ انتهاء عدوان مايو، ما أعاد لأذهانهم ما تعيشه قيادتهم من حرج وبطء في التعامل مع تهديدات المقاومة، وأكد لديهم أنها لم تردع المقاومة بما فيه الكفاية، وفق توصيفهم.
ليس سرا أن معظم التحليلات ذهبت باتجاه تفسير سقوط الصاروخين أنها نوع من إرسال الرسائل الموقعة بالنار هذه المرة، بعيدا عن البيانات الصحفية الصادرة عن المتحدثين العسكريين والسياسيين، والمستشارين الإستراتيجيين الذين غمروا الجمهور الإسرائيلي بمعلومات تفيد بأن الجيش سيرد، وسيكون الرد في الساعات القادمة، دون جدوى.
يعتقد الإسرائيليون أن المقاومة تعلم جيدا أن الحكومة الإسرائيلية قد تغيرت، ومزاعمها بشأن "قانون (تل أبيب) مثل قانون سديروت"، والمزيد المزيد من الرسائل التهديدية باتت لا معنى لها، وأصبحت خالية من المضمون، وجوفاء بشكل رهيب، وهدفها كله الاستعراض الكاذب أمام الجمهور الإسرائيلي، والمزاودة على الحكومة السابقة، لكن الساعات التالية بعد سقوط صاروخي (تل أبيب) أكدت للإسرائيليين أن هذه الحكومة تسخر منهم، وتضحك عليهم.
الردود الإسرائيلية على صاروخي (تل أبيب) أثارت غضب أوساط عسكرية اتهمتها باستهداف الكثبان الرملية الفارغة في غزة، وكأن (إسرائيل) باتت في موقف دفاعي، ثم صدرت بيانات الجيش الروتينية، التي أصبح من السهل التنبؤ بها، المصاغة بشكل أجوف وكسول، أمام الأضرار الجسيمة التي أسفرت عن صواريخ شواطئ تل أبيب، خاصة تبدد الردع الذي زعمت القيادة السابقة أنه تمت استعادته خلال حرب غزة الأخيرة.
تتزايد التقديرات الإسرائيلية التي تتهم القيادتين السياسية والعسكرية بأنها تقدم للجمهور مواقف مكشوفة، ناجمة عن فقدان الردع أمام حماس، في ضوء تراكم حجم الأضرار وتواصلها، وكأن حالة الإحباط باتت تتسلل لهاتين القيادتين، وهذا ضرر إستراتيجي مستمر، من شأنه أن يؤثر في جميع أنظمة الحياة في دولة الاحتلال.
في الوقت ذاته فإن استمرار فقدان الردع سيؤثر في حكومة التغيير الحالية التي تعهدت بتضميد جراحات الإسرائيليين، وتحقيق اختراقات أمنية لتسجيل فصل جديد في أمن كيان الاحتلال، لكن الحقيقة الماثلة اليوم عكس ذلك، فالمستوى السياسي على حاله، وسلوكه القديم والسيئ يثبت نفسه كل مرة، ولم يعد ملكا للحكومة الحالية، بل نتيجة سياسة كل الحكومات في العقود الأخيرة.
القناعة الإسرائيلية السائدة تكمن في أن الاختلاف الوحيد في الفشل الأمني للحكومة الحالية عن السابقة يكمن فقط في مستوى البيانات، ومحاولة إنتاج عرض خطأ بمساعدة المراسلين، الذين يعرفون أكثر من سواهم انعدام الجدوى في استجابة الجيش لتهديد المقاومة، حتى أنه أصبح ممكناً التنبؤ بردوده التي لا معنى لها، وهو واقع يفترض أن يصيب بالخجل الجيش الخامس في العالم وهو يواجه صعوبات جادة في مواجهة المقاومة ومقاتليها.