يرى عضو كنيست عربي سابقا وباحث في شؤون القدس أن طرح اللجنة الوزارية الإسرائيلية قانون ما يسمى "منع التخلي عن القدس" للنقاش أمام الكنيست اليوم، بأنه جزء من حالة الصراع على السلطة بين طرفي اليمين وأقصى اليمين الإسرائيلي، حيث يتبارى كل من البيت اليهودي والليكود لتقديم نفسه كحزب أكثر تطرفا من الآخر في قضية السيطرة على الجزء الشرقي من مدينة القدس المحتلة، وهو ما يمثل ضربة أخرى وانتهاء أحلام السلطة الفلسطينية بإقامة دولة مستقلة.
وتناقش اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع، اليوم الأحد، مشروع قانون يحول دون إجراء أي استفتاء للرأي العام الإسرائيلي لتقسيم القدس.
وذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، أمس، أن المشروع الذي قدمته كتلة البيت اليهودي، يدعمه 23 نائبا من الائتلاف.
وتدعي الكتلة الإسرائيلية في مقدمة القانون، أن مشروع التعديل ينطوي على جوهر أمني، لأن "الانسحاب العسكري الإسرائيلي من لبنان وخطة الانفصال عن قطاع غزة، أثبتا أن جهات "إرهابية" تدخل إلى كل مكان يخرج منه الاحتلال، ويهدد أمن سكانه.
إحراج نتنياهو
العضو العربي السابق في كنيست الاحتلال طلب الصانع يقول "إن الهدف من القانون إحراج رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو فإما أن يدعم القانون أو يصوت ضده، وإن صوت ضد القانون فإن ذلك مكسب للبيت اليهودي".
وأشار الصانع لصحيفة "فلسطين"، إلى أن القانون يعكس الواقع السياسي لدى الاحتلال، مما يشكل عائقا أمام التسوية لو توفرت رغبة في ذلك، ويعكس التوجه اليميني بالرغبة بالسيطرة والهيمنة على مدينة القدس والضفة الغربية المحتلتين.
وأضاف "الاحتلال يدرك أن لديه فرصة تاريخية في ظل الوضع العربي وتوسع نفوذ اليمين الإسرائيلي بأمريكا في السيطرة على كامل المدينة، لذلك بدأ الاحتلال اليوم بالتراجع عن فكرة حل الدولتين".
وبين الصانع، أن كل ما سبق فرصة أمام الاحتلال لترجمة التفوق العسكري وتحويل الاحتلال لإحلال وهو ما يسعى إليه بشكل تدريجي.
والهدف من قانون منع "التخلي عن القدس"، بحسب الصانع، تحويل سيطرة الاحتلال على القدس لرأي عام لا تراجع فيه عن السيطرة على شرقي القدس، وهذا يعني انتهاء إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، إذ من غير الممكن لأي فلسطيني الوصول لتسوية مع الاحتلال دون انسحاب جيش الاحتلال من شرقي القدس.
ويشترط مشروع القانون موافقة 80 عضوا في برلمان الاحتلال "الكنيست" على أي قرار للانسحاب أو نقل أجزاء من الشطر الشرقي للقدس المحتلة، بادعاء أن كامل المدينة المقدسة عاصمة للشعب اليهودي.
ومن شأن هذه التعديلات أن تحول دون إجراء أي استفتاء حول القدس.
"تحصيل حاصل"
من جانبه، يرى الباحث في شؤون القدس ناصر الهدمي، أن القانون ينسجم مع السياسة العامة للاحتلال، التي تسعى إلى السيطرة الكاملة على مدينة القدس.
وقال الهدمي لصحيفة "فلسطين": "هناك خلاف بين أسلوب السيطرة على المدينة وحكمها بين السياسيين الإسرائيليين، لكنْ ثمة إجماع إسرائيلي على أن تظل المدينة تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية".
وعد الهدمي، مشروع القانون "تحصيل حاصل" بالنظر إلى ما يجري على الأرض من تهويد في كل لحظة للمدنية.
وهذا القانون – بحسب الباحث في شؤون القدس– يمنع أي تغيير لدى الاحتلال في حال اختلفت الظروف الإقليمية المحيطة وأصبح من الضروري التخلي عن السيطرة على شرقي القدس.
وحول تداعيات هذه القوانين على مساعي السلطة الفلسطينية لتحقيق حل الدولتين، قال الهدمي، إن السلطة منذ اليوم الأول لاتفاقية أوسلو، وضعت نفسها رهينة بيد الاحتلال، وتخلت عن إرادتها وعن قوتها السياسية والعسكرية بعد أن وافقت على القدوم إلى فلسطين عام 1994 تحت مسمى السلطة بحيث أصبحت موظفا لدى الاحتلال.
ولا يتوقع الباحث الفلسطيني، أن يكون رد السلطة أكثر من شجب واستنكار لهذه القوانين "فهي تخلت (السلطة) عن حقها في مواجهة الاحتلال وإجباره على التراجع عن هذه القوانين".
وذهب الهدمي للإشارة إلى أن الجهة التي تقدم المشروع تريد أن تظهر للشارع الإسرائيلي الذي يتجه نحو التطرف، بأنها حريصة على السيطرة على القدس بشكل كامل، من أجل المستقبل القريب خلال الانتخابات السياسية الجديدة لاختيار الأشد تطرفا بشأن السيطرة على القدس، ملفتاً إلى أن مشروع القانون يمثل رافعة سياسية شعبية لمتبنيه القرار.