فلسطين أون لاين

الفتى "النواتي".. ضحية تنصل السلطة من دفع ديون مستشفى النجاح

...
الشهيد النواتي (أرشيف)
نابلس-غزة/ نور الدين صالح:

سلسلة من المعاناة عاشها الفتى سليم النواتي (17 عامًا) على فراش المرض، بعدما شخَّص الأطباء في قطاع غزة حالته بالخطيرة نتيجة إصابته بمرض سرطان الدم أو ما يُعرف بـ"اللوكيميا"، وإقرارهم بضرورة تحويله لمستشفيات الضفة الغربية لتلقي العلاج اللازم.

رحلة العذاب التي انتهت بوفاة "سليم" بدأت في الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، حينما ماطلت سلطات الاحتلال في السماح له بالخروج من القطاع إلى مستشفى النجاح في نابلس بالضفة الغربية المحتلة تحت حجة "الفحص الأمني"، إذ رفضت التصريح أربع مرّات.

وبعد حصول الفتى "سليم" على موافقة إسرائيلية بالخروج إلى مستشفى النجاح في 26 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أبلغت الأخيرة "الشؤون المدنية" في قطاع غزة قبل الموعد بخمسة أيام، أنها لا تستطيع استقبال الفتى لعدم وجود تغطية مالية له من وزارة الصحة برام الله، حسب ما روى جمال النواتي عم الفتى.

يروي النواتي الذي رافق "سليم" لصحيفة "فلسطين"، أن العائلة أصرّت على خروج ابنها لتلقي العلاج نظرًا لتدهور حالته الصحية، وتوجه "سليم" برفقة عمه جمال، إلى مستشفى النجاح في نابلس.

وعند وصول الفتى "سليم" إلى مستشفى النجاح، رفض موظف التحويلات لديها إدخاله لقسم الأورام، نظرًا لإبلاغ الأخيرة العائلة بعدم تمكنها من استقباله نتيجة عدم وجود تغطية مالية من وزارة الصحة برام الله، وفق النواتي.

ويقول النواتي، إنه اضطر للتوجه إلى دائرة التحويلات في الخارج التابعة لوزارة الصحة، وحوّلتهم الأخيرة إلى قسم الأورام في مجمع فلسطين الطبي الحكومي برام الله، لكن الأخير "رفض استقباله" تحت ذريعة أن سن الفتى 17 عامًا، وختم على أوراقه "لا مجال لاستقبال المريض".

وظّلت رحلة العذاب مستمرة والمماطلة "سيّدة الموقف"، بعدما توجه النواتي مرة أخرى إلى "العلاج بالخارج"، عقب رفض مستشفيات الضفة استقباله، إلى أن حصل "سليم" على موافقة لتحويله إلى مستشفى "أُخلف" في (تل أبيب)، بتاريخ التاسع من يناير الجاري.

وبعد كل هذه المماطلة والعذاب، فارق "سليم" الحياة دون أن يأخذ حقه في العلاج، بسبب "الأزمة المالية" بين وزارة الصحة ومستشفى النجاح.

وتصاعدت الأزمة المالية التي تعصف بمستشفى النجاح في الآونة الأخيرة، نتيجة الديون المستحقة على حكومة اشتية برام الله، والتي وصلت حوالي 420 مليون شيكل، والتي أوقفت على إثرها استقبال مرضى سرطان الدم.

من جهته، يقول مدير مستشفى النجاح د. كمال حجازي، إنه جرى تحويل المريض النواتي من غزة إلى وحدة شراء الخدمة في وزارة الصحة برام الله بتاريخ 11 نوفمبر الماضي، وتم الموافقة على التحويلة بعد 13 يومًا، لكن الاحتلال رفضها 4 مرات.

وأوضح حجازي، لصحيفة "فلسطين"، أن إدارة المستشفى تواصلت مع "الشؤون المدنية" في غزة بتاريخ 23 ديسمبر الماضي، وأبلغتهم بعدم إمكانيتها استقبال حالات جديدة من مرضى الأورام، "لكن تفاجأنا بأن والده قدم إلى المستشفى".

وأضاف: "كان أمام المريض التوجه لمستشفى المطّلع أو الاستشاري كما أعلنت وزارة الصحة عن ذلك سابقًا، بأن هاتين المستشفيين تستقبلان المرضى بدلًا من النجاح".

وتابع: "المستشفى لا تُمانع استقباله، لكن الأصل أن تتواصل وزارة الصحة مع إدارتها وإبلاغها باستقباله كحالة استثنائية والتعامل معه، وهو ما لم تفعله الوزارة"، مؤكدًا أن الإشكالية الأساسية هي "عدم إبلاغ الوزارة بضرورة استقباله".

وشدّد حجازي على أن "الأزمة المالية التي تعاني منها مستشفى النجاح ما زالت تراوح مكانها، إذ لم تدفع السلطة أيّ مبالغ لها حتى الآن، أو إبداء حُسن نية تجاه حلها".

وبيّن أن المستشفى اضطرت لوقف استقبال أي حالات أورام جديدة على إثر الأزمة، إلا في حالات استثنائية، بعد تلقيهم بلاغًا من وزارة الصحة ورفضها من مستشفيات "المطّلع والاستشاري".

وأوضح حجازي، أن الحكومة تتجاهل دفع الديون المتراكمة عليها للمستشفى منذ عام 2018، حيث وصلت إلى 420 مليون شيكل، مشيرًا إلى أن المستحقات كانت مقابل خدمات تقدمها المستشفى لمرضى محوّلين من الوزارة والخدمات العسكرية.

وأفاد بأن تكلفة الميزانية الخاصة بالمستشفى تبلغ 135 مليون شيكل سنويًا، لتغطية نفقات الأدوية والمستهلكات الطبية ورواتب الموظفين، إضافة إلى الخدمات المساندة وعقود النظافة وأعمال الصيانة في المستشفى.