اعتاد الشارع الفلسطيني في ظل ما يُعانيه من مرارة الاحتلال وقساوة الحياة وشُح الإمكانات بفعل الحصار المفروض على غزة منذ 15 عاماً، ومجزرة الرواتب والرُتب التي ارتكبها رئيس السلطة بحق أبناء شعبه، أن يُناشد الرئيس تارة ورئيس الوزراء تارة، وهذا الوزير أو ذاك تارة، للحصول على حقه.
أيها المواطن الأصيل الأشم، عليك أن تعرف أن الحق لا يأتي بالمناشدات، وعليك أن تعرف أن المناشدة تعني أنك ضعيف وأنك لا تقوى على المواجهة، وعليه فإن مُغتصب حقوقك لن يكترث بصوتك ودموعك، هو فقط يكترث بقبضة يدك التي يجب أن تضرب بها الأرض لتفجر المياه من تحته.
وكوننا نكتب في الرياضة، فقد استوقفتني مناشدة صادرة عن منتخب فلسطين لكرة القدم البتر، يتمنى من الجهات المعنية تمكينه من السفر إلى إيران للمشاركة في تصفيات كأس العالم المُقررة في شهر فبراير القادم ضمن المجموعة التي تضم (الهند والعراق وأوزباكستان)، في حين تُقام كأس العالم في تركيا في شهر ديسمبر 2022.
هل يُعقل أن يُناشد منتخب وطني الجهات المعنية لتمكينه من رفع اسم فلسطين؟ وهل يُعقل أن يُترك هذا المنتخب دون منحه الأمل بأنه في أمان، وأنه في بؤرة الاهتمام، ولا سيما أنه يضم لاعبين فقدوا أطرافهم أو أحدها في قصف صهيوني خلال الحروب الأربعة التي شنها الاحتلال الصهيوني على غزة منذ عام 2008 وحتى العدوان الأخير في عام 2021.
وبعيداً عن الخوض في التفاصيل، فإن المسؤولية عن مشاركة منتخب كرة القدم للبتر، تقع على عاتق أعلى الهرم الرياضي الفلسطيني المتمثل في المجلس الأعلى للشباب والرياضة، الذي أتوقع منه، بعيدًا عن أنني أتمنى منه القيام بدوره في توفير كل ما يحتاج إليه المنتخب لضمان وصوله إلى التصفيات ومن ثم النهائيات.
هذه الأمنية وهذا التوقع مرتبط بشعار (الرياضة هي رسالة وطنية وأسلوب نضالي لتحقيق المصلحة الوطنية)، وبالتالي فإن من يتبنى هذا الشعار، فالباب مفتوح لإيصال أقوى الرسائل من خلال الشباب الفلسطيني المُناضل الذي ضحى بأغلى ما يملك من أجل فلسطين وشعبها، وأتمنى ألّا أعود للكتابة في هذا الموضوع معاتباً، بل شاكراً كل من بذل جهداً لإتمام الواجب الوطني والأخلاقي.
الاستقالات مستمرة
ما زالت الاستقالات في صفوف مدربي فرق بطولات دوري كرة القدم لمختلف الدرجات تتوالى، على الرغم من أن الفِرَق لم تقطع سوى ربع المشوار، فالاستقالات تتواصل وما زلنا نراوح في نفس المكان دون ترتيب أوضاعنا الكروية وفق إستراتيجية مهنية.
فعلى مستوى الدوري الممتاز، كانت هناك (4) استقالات، بمعنى أن رُبع الفِرَق المشاركة أقالت مدربيها أو استقال مدربوها، وهم: عماد هاشم من شباب جباليا، وهاني المصدر من غزة الرياضي، وحمادة شبير من الصداقة، وسامي سالم من الشاطئ.
وعلى مستوى دوري الدرجة الأولى، فإن ثلاثة فرق أقالت مدربيها أو استقال مدربوها، وهم: خالد كويك من خدمات خانيونس، وإياد عدوان من الأقصى، وجهاد السدودي من التفاح، أما في الدرجتين الثانية والثالثة، فإن عدد الاستقالات أو حالات الإقالة غير معروفة، نظرًا إلى ابتعاد هذه البطولات عن أضواء الإعلام إلا ما ندر مثلما حدث من استقالة شادي أبو عرمانة من تدريب الصلاح.
هذه الاستقالات لن تُفيد الفرق ولا المدربين، فهي إما هروب إلى الأمام من الفرق، وإما انسحاب من المدربين، وفي كلتا الحالتين الأمر مرفوض، فلا يجوز للأندية الحاضنة للشباب أن تهرب إلى الأمام، وعليها مواجهة الأمور بشجاعة وأن تُعزز ثقافة الاستقرار، أما المدربين فعليهم تعزيز الجرأة وصقل الشخصية بتحمل المسؤولية والاستمرار.
النيرب والشجاعة
كنت أول من انتقد تكليف محمود النيرب بتسديد ركلة الجزاء في مباراة الفريق أمام اتحاد بيت حانون، فهي مغامرة للاعب يسعى لتعزيز مكانته مع الفريق الجديد، وهي مغامرة غير مضمونة، وهو ما ثَبَت بعد خسارة الفريق.
اليوم وبعد أن سدد النيرب ركلة جزاء الفريق في مرمى الشاطئ، أعتقد أنها مُغامرة كانت غير مضمونة العواقب، ولكنها قرار جريء سواء من اللاعب نفسه للتدليل على ثقته بنفسه، أو من المدرب لتعزيز الثقة والبدء بمرحلة التألق.