لم يتوقف عدوان الجيش الإسرائيلي على الأمة العربية والإسلامية، إنها الحرب المفتوحة والشرسة والعميقة والمتشعبة ضد العرب والمسلمين برًّا وبحرًا وجوًا، سرًّا وعلانية، حرب مفتوحة انتقل معها الجيش الإسرائيلي من الهجوم الساحق إلى الدفاع المرتجف، ومن الانتصار المؤكد إلى الشك بالقدرات، ومن نقل المعركة إلى أرض العدو إلى توقع أن تجتاحه المقاومة العربية لأول مرة في تاريخه، لقد ظهر ذلك في تصفية عام 2021 التي تحدث حولها رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي، وهو يلخص مهمات الجيش الإسرائيلي وواجباته في عدة نقاط، تكشف عن خوف وقلق، تم تغليفه بعباءة الأمن والقوة، ومن هذه النقاط:
أولًا: اعترف كوخافي أن الجيش الإسرائيلي نفذ ألف هجوم على أهداف في الشرق الأوسط خلال عام 2021 الجاري، بما يشمل الهجمات التي شنها خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والضربات في سوريا، مشيرا إلى أن ذلك لا يشمل العمليات الخاصة والهجمات السرية التي نفذها خلال هذه الفترة، وذلك يعني أن الحرب مستعرة، وعلى أكثر من جبهة.
ثانيًا: يزعم كوخافي أن الجيش الإسرائيلي قد تمكن من تقليص محور تهريب الأسلحة (برا وبحرا وجوا) بنحو 70% خلال عام 2021، وذلك من خلال الهجمات التي شنها في سوريا ولبنان، معتبرا أن التحدي الرئيس للجيش والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية هو ما سماه بـ"المحور الشيعي الراديكالي"، في إشارة إلى إيران والمجموعات المسلحة الموالية لها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، ذلك يعني أن كل الرعب الإسرائيلي من 30% فقط من الأسلحة المهربة.
ثالثًا: تحدث كوخافي عن تحسن كبير في نطاق الأهداف والمعلومات الاستخباراتية، واستكمال الصفقات اللازمة لزيادة كبيرة في التسلح، وصواريخ الاعتراض وتعزيز برنامج الدفاع الجوي، وهذه لغة دفاعية طارئة على مفردات الجيش الإسرائيلي.
رابعًا: اعتبر كوخافي أن التحدي الرئيس للجيش والمؤسسة الأمنية هو المحور "الشيعي الراديكالي"، من إيران عبر العراق إلى التموضع في لبنان وسوريا"، معتبرا أن "التحديات الأمنية التي تشكلها الساحة الفلسطينية"، تأتي أخيرا، وبهذا يخالف رأي الكثير من قادة الجيش.
خامسًا: بعد اتفاقية أبراهام، هناك تعاون عسكري بين (إسرائيل) والدول العربية السنية المعتدلة تحت إشراف القيادة المركزية للجيش الأميركي، وهو ما لم يكن ممكنًا في الماضي"، والهدف من هذا التعاون هو محاربة المحور الشيعي الراديكالي.
سادسًا: "التهديدات الرئيسية التي تواجه (إسرائيل) في السنوات المقبلة، تتمثل في التهديد الصاروخي والأسلحة النووية الإيرانية، واجتياح محتمل للأراضي الإسرائيلية، وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس الأركان الإسرائيلي عن اجتياح العرب والمسلمين للأراضي المحتلة، ولهذا الغرض تم إنشاء إدارة متخصصة خلال هذا العام، يتمثل دورها في تطوير تقنيات خاصة، بما في ذلك اعتراض الصواريخ في أراضي العدو باستخدام تقنية الليزر.
سابعًا: اعترف كوخافي بزيادة عدد الصواريخ المضادة للطائرات التي يتم إطلاقها على طائرات سلاح الجو، والتي يمكن أن تقلص هامش الحرية التي تتمتع بها القوات الجوية.
ثامنًا: اعترف كوخافي باستحالة تدمير المفاعل النووي الإيراني، رغم امتلاك الجيش أسلحة ثقيلة، وهذا يعني أن التعليمات التي أصدرها رئيس الأركان بإعداد الخطط المختلفة لشن هجوم محتمل على إيران، هي تعليمات زائفة.
تاسعًا: ادعى كوخافي أن العدوان الأخير على غزة مايو 2021 قد ردع التنظيمات الفلسطينية، ويرجع ذلك إلى طبيعة الأهداف التي دمرها الجيش، لينقاض نفسه بعد ذلك، وهو يقول: إن الفضل في التهدئة يرجع إلى السياسة المدينة، والتي شملت زيادة أعداد التراخيص الممنوحة للعمال الفلسطينيين من قطاع غزة للعمل في الداخل.
ملخص حديث رئيس الأركان الإسرائيلي يكشف عن ارتباك واضح في قدرة الجيش الإسرائيلي على العمل ضد المقاومة، والعجز عن تحقيق الانتصارات السهلة، واعتراف بعدم القدرة على تدمير قدرات أعداء (إسرائيل)، واللافت في تصريح رئيس الأركان هو إقرار الجيش الإسرائيلي بإمكانية اقتحام رجال المقاومة للمستوطنات الصهيونية، وتحريرها من المحتلين.