فلسطين أون لاين

التكامل الفلسطيني من سيف القدس إلى إضراب أبو هواش

 

شهدت فلسطين مع انطلاق معركة سيف القدس حالة جديدة من الترابط، إذ باتت كل الساحات الفلسطينية في الداخل والقدس والضفة وغزة والشتات مترابطة في فعلها المقاوم للاحتلال.

حالة الترابط والتكامل تلك تتناقض تمامًا وجهود الاحتلال طوال السنوات الفائتة، الهادفة إلى الفصل المادي والشعوري بين مختلف الساحات الفلسطينية.

فقد أراد الاحتلال لأهلنا في الداخل أن يعيشوا في عزلة شعورية تامة مع باقي الفلسطينيين، وهو ما انتهى إلى الأبد مع هبة أهالي اللد، وغيرها من المناطق مع اشتعال معركة سيف القدس.

عبّر عن ذلك صحفي صهيوني عندما وصف ما رآه بعينه، إذ كان المستوطنون في اللد ينبطحون على الأرض مع كل صافرة إنذار تنطلق، في حين كان الفلسطينيون من أهل المدينة يقفون مكبرين فرحًا بصواريخ المقاومة.

تلك الحالة بني عليها في قضية أبو هواش عبر العديد من الفعاليات التي نظمها أهلنا في الداخل تضامنًا مع الأسير أبو هواش، وكان منها الوقفة التضامنية في مدينة حيفا المحتلة، وتظاهرة في أم الفحم أغلق خلالها الشارع "65"، ووقفة أمام مستشفى "أساف هروفيه" الصهيوني، والأهم من ذلك أن العدو كان مدركًا أن الفلسطينيين في الداخل سيتفاعلون مع أي انفجار للأوضاع نتيجة استشهاد أبو هواش.

كما أراد الاحتلال لغزة أن تعيش همومها الذاتية من حصار ومعاناة، حتى صدّق بعض المغرضين ذلك، وباتوا يتحدثون عن خطر دولة غزة، وانفصالها عن سائر هموم الوطن.

لكن هبة المقاومة من أجل القدس قضت تمامًا على كل تلك الأوهام، والشائعات، وأثبتت أن قوة غزة قوة لفلسطين، وأن صواريخها ذخر للأقصى، وهو ما تجدد مع عملية نفق الحرية إذ قيّد موقف المقاومة سلوك الاحتلال تجاه الأسرى الستة، وتجاه مخيم جنين.

تلك الحالة كانت لافتة الحضور في قضية هشام أبو هواش، إذ بينت المقاومة أن صواريخها ستكون حاضرة في حالة استشهاد أبو هواش، وأنها ستتعامل مع ذلك كأنه عملية اغتيال، وقد أثار الانتباه ما أُعلن عن اجتماع بين قيادات من حماس والجهاد، منهم قادة عسكريون، ناقش قضية أبو هواش، كذلك التواصل وتنسيق المواقف بين هنية والنخالة، ما عُدّ تعبيرًا عن متابعة دقيقة للموقف.

أما الضفة الغربية فكان لحضورها في معركة سيف القدس تأثير كبير، فقد تصاعدت أعداد العمليات والاشتباكات، ومنسوب الجرأة، في أثناء المعركة وبعدها، حتى إن تقريرًا صادرًا عن حماس في الضفة أكد حدوث 10850 عملًا مقاومًا، منها 441 عملية مؤثرة وقعت في الضفة خلال 2021، 80% منها بعد معركة سيف القدس.

تفاعل الضفة مع قضية أبو هواش كان واسعًا بالفعل الميداني، وخشية الاحتلال انفجار الأوضاع هنالك في حال استشهاده، فقد نُظمت العديد من الفعاليات تضامنًا مع الأسير المضرب، منها وقفات في نابلس ورام الله والخليل، وإضراب في دورا، واعتصام في مقر الصليب الأحمر في البيرة، ومواجهات في أبو ديس.

الفلسطينيون في الخارج كان لهم حضورهم في معركة سيف القدس، إذ خرجت التظاهرات في لبنان والأردن، وأطلق عدد من الصواريخ من جنوب لبنان، وهو أيضًا ما حضر في قضية أبو هواش، إذ تفاعل معه المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج.

إضافة إلى التنوع الجغرافي في قضية التفاعل مع أبو هواش كان هناك تنوع في طبيعة الفعل، فلقد كان هنالك فعل سياسي تمثل في التواصل والتنسيق بين الفصائل في سبل مساندته، وعسكري بالتهديد بالتدخل، ودبلوماسي بالتواصل مع الوسطاء، خاصة مصر، والضغط عليها، وجماهيري بالفعاليات الشعبية.

تلك الحالة الخطرة دفعت العدو للقلق، وهو ما عبر عنه محرر الشؤون الفلسطينية في هيئة البث الصهيوني العام "كان 11" جال بيرغر الذي رأى أنّ المقاومة فرضت على (إسرائيل) عقيدة ارتباط الجبهات بالقوة، خلافًا للتخطيط "الإسرائيلي" القائم منذ سنوات على تفتيت الجبهات، وإشغالها بمصالحها الداخلية.

ما سبق يفرض على الفلسطينيين الاعتزاز بتلك الحالة، والبناء عليها، وتطويرها، وصولًا لأن نكون جميعًا جبهة واحدة تتحرك معًا، وتصمت معًا، مستثمرًا كلٌّ منا نقاط قوته لتعزيز نقاط ضعف الآخر، إيذانًا بزوال الاحتلال عن كل شبر من فلسطين.