فلسطين أون لاين

تقرير "الإضراب عن الطعام".. سلاح تاريخي للأسرى لانتزاع حقوقهم

...
صورة أرشيفية
غزة/ نور الدين صالح:

يُعد "الإضراب المفتوح عن الطعام" السلاح الأقوى للأسرى الفلسطينيين في مواجهة تعنت سلطات الاحتلال لنيل مطالبهم وحقوقهم العادلة، وخاصة المتعلقة بإنهاء سياسة الاعتقال الإداري الذي يشكل المعاناة الأكبر للأسرى.

وخاض عدد من الأسرى إضرابات فردية بمدد متفاوتة، وآخرهم الأسير هشام أبو هواش الذي خاض إضرابا مفتوحا عن الطعام لأكثر من 140 يومًا، رفضًا للاعتقال الإداري والمطالبة بحقوقه المشروعة، حيث عاش ظروفًا صحية في غاية الصعوبة كادت تُفقده حياته في أي لحظة.

والإضراب المفتوح عن الطعام أو ما يعرف بـ "معركة الأمعاء الخاوية"، هو امتناع المعتقل عن تناول جميع أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناول الأسرى باستثناء الماء وقليل من الملح، إذ يترتب على هذه الخطوة مخاطر جسيمة – جسدية ونفسية- على الأسرى وصلت في بعض الأحيان إلى استشهاد عدد منهم.

وسلاح "الإضرابات الفردية" لم يكن وليد اللحظة، حيث جرت أول تجربة فلسطينية لخوض الإضراب عن الطعام في سجن نابلس في أوائل عام 1968، حيث خاض المعتقلون إضرابات عن الطعام استمر ثلاثة أيام؛ احتجاجًا على سياسة الضرب والإذلال التي كانوا يتعرضون لها على يد جنود الاحتلال، وللمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والإنسانية؛ ثم توالت بعد ذلك الإضرابات عن الطعام.

ومن شهداء الإضراب في الحركة الأسيرة عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد في 11 يوليو/تموز 1970، خلال إضراب سجن عسقلان، وهو بذلك أول شهداء الحركة الأسيرة خلال الإضراب عن الطعام.

ومضى الأسرى على ذات النهج، إلى أن بدأ 1600 أسير فلسطيني الإضراب عن الطعام في تاريخ 17 أبريل/ نيسان 2012، حينما امتنعوا عن تناول وجبات الطعام وأعادوها إلى إدارة السجون في خطوة أطلقوا عليها "معركة الأمعاء الخاوية".

وفضّل الأسرى حينها الجوع على الخضوع للسياسات التعسفية التي انتهجتها إدارة السجون ضدهم، وبذلك أعلنوا بداية الإضراب المفتوح عن الطعام، إذ يُعد الأضخم من نوعه في سجون الاحتلال.

وتتعدد مطالب الأسرى التي يخوضون الإضراب لأجلها، ومنها إنهاء سياسة الاعتقال الإداري والعزل الانفرادي ووقف الاعتداءات والاقتحامات لغرف وأقسام الأسرى وإعادة التعليم الجامعي والتوجيهي ووقف منع زيارة ذويهم.

وعلى مدار مسلسل الإضرابات الفردية والجماعية برزت عدة أسماء للأسرى، ومنهم الشيخ خضر عدنان الذي بدأ إضرابًا عن الطعام في 12 كانون الثاني/ يناير 2012، استمر لمدة 66 يومًا، وقد تعرض إلى سلسلة من التهديدات لإرغامه على إنهائه، إلا أنه لم يرضخ لها، وحقق مطالبه بالإفراج عنه في إبريل من ذات العام.

وسار من بعده الأسيرين ثائر حلاحلة وبلال ذياب، إذ يعتبران من مفجري ثورة الكرامة خلف القضبان، حينما أعلنا إضرابهما في 28 من شباط/فبراير 2012، احتجاجًا على استمرار سياسة الاعتقال الإداري دون تهمة موجّهة.

فيما خاض الأسير سامر عيساوي في مطلع آب/ أغسطس أطول إضراب عن الطعام في التاريخ استمر لأكثر من 265 يومًا للمطالبة بإطلاق سراحه، ثم نال ما أراد.

وفي 27 يوليو 2020، خاض الأسير ماهر الأخرس إضرابًا عن الطعام رفضًا لاعتقاله الإداري في سجون الاحتلال، استمر 103 يومًا حتى علقه في 6 نوفمبر 2020 بعد اتفاق مع إدارة مصلحة السجون بالإفراج عنه في 26 نوفمبر 2020.

ولا يزال بعض الأسرى سيّما الإداريين منهم، يواصلون سياسة الإضراب المفتوح عن الطعام، من أجل استرداد حقوقهم ووقف نهج الاعتقال الإداري التعسفي.

السلاح الأقوى

إلى ذلك، يؤكد الأسير المحرر والمختص في شؤون الأسرى مصطفى مسلماني، أن الإضراب عن الطعام هو السلاح الأقوى والإمكانية الأكبر الذي يمتلكه الأسرى لمواجهة سياسة الاحتلال العنصرية وتحقيق مطالبهم العادلة.

وبيّن مسلماني خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن مسلسل الإضرابات بدأ في بداية السبعينات ولا يزال مستمرًا حتى الآن، حيث قدم الأسرى حتى اليوم أكثر من 227 شهيدًا في سبيل انتزاع حريتهم وحقوقهم.

وأوضح أن دولة الاحتلال من الدول التي وقعت على اتفاقية جنيف الثالثة والرابعة، لكنها لم تلتزم بأي قانون من قوانين الإنسانية التي تمنح الأسرى الحياة الكريمة من حيث توفير المأكل والمشرب والملبس.

وقال: "في ظل الانتهاكات الجسيمة لا سبيل للأسرى إلا البدء بخطوات نضالية لاستعادة حقوقهم المسلوبة، وكان أبرزها الإضراب المفتوح عن الطعام، بالإضافة إلى بعض الوسائل الأخرى لانتزاع حريتهم".

وشدد على أن "الإضرابات هي الوسيلة الأنجح في التأثير على الاحتلال، لذلك ظلت استراتيجية ثابتة لديهم للحفاظ على حقوقهم وانتزاع حقوق جديدة"، لافتًا إلى أن هذه الخطوات أجبرت الاحتلال للتعامل مع الأسرى كأجسام تنظيمية والاعتراف بها.

وختم حديثه: "الأسرى الفلسطينيون لا يخوضون إضرابًا حبًا به أو الجوع، إنما للحفاظ على حقوقهم ووقف السياسة العدوانية التي تمارسها إدارة السجون بدعم مُطلق من حكومات الاحتلال اليمينية المتعاقبة".