قائمة الموقع

آخر معاقل البلاط المزخرف في جبل النار يصارع من أجل البقاء

2022-01-05T08:30:00+02:00
البلاط المزخرف

لا تزال آخر معاقل البلاط المزخرف والملون في فلسطين، تدور في مدينة جبل النار، محافظة على قيم الجمال والفن التي ينطق بها، وإرث يزيد عمره على 100 عام.

مصنع البلاط الشامي هو الوحيد من نوعه في الشرق الأوسط الذي لا يزال ينتج البلاط المزخرف، ويستخدم لذلك قوالب نحاسية تخرج من تحتها مصفوفات أرضية زاهية الألوان بنقوش مختلفة.

تأسس مصنع البلاط الشامي في مدينة نابلس عام 1908، أي قبل احتلال فلسطين بعقود من قبل الاحتلالين الإنجليزي والإسرائيلي.

يقول مديره عنان أصلان: إن عائلته بدأت في صناعة هذا النوع من البلاط في عدة مدن فلسطينية كحيفا ويافا ونابلس إلى جانب صناعته في سوريا وغيرها، وتم إغلاق المصانع في مدينتي حيفا ويافا بعد أحداث النكبة.

جودة مكفولة لـ100 عام

ويعد أصلان من أبناء الجيل الخامس الذين ورثوا مصنع البلاط، فقد ورثه أبًا عن جد، ويعمل على تعليم هذه الصنعة لأبنائه للحفاظ عليها ومنع اندثارها، مشيرًا إلى أن جده جاء بهذه المهنة من الشام وأسس المصنع الأول في يافا.

ويقول: "وبسبب الحرب والنكبة اضطر جده الأول إلى إغلاق المصنع في يافا ونقله إلى مدينة نابلس، وحافظ الأبناء من بعده على المصنع وما ينتجه من نوعية مميزة للبلاط الذي يغطي مدنًا وقرى فلسطينية، حيث إن غالبية البلاط الملون الموجود في نابلس وقراها المجاورة من إنتاج المصنع، بالإضافة إلى دول عربية". 

ويعد مصنع بلاط أصلان أول وآخر معاقل البلاط المزخرف والملون في فلسطين، حيث إنه لا يزال يحافظ على قيم الجمال والفن التي ينطق بها البلاط، محاولين تطويره بأفضل الطرق والحفاظ على ذات الجودة.

ويضيف أصلان: "أخشى أن تكون هذه الصنعة في طريقها إلى الانقراض بسبب جهل البعض بقيمة البلاط ونوعيته وجودته ولجوئهم إلى المستورد، ولكني على يقين من أنه ليس بجودة البلاط الشامي، وأنا على استعداد لكفالة البلاط الذي ينتجه المصنع لـ100 عام".

وتشير بعض المعلومات التاريخية إلى أن أصل البلاط الملون جاء به الفرنسيون إلى سوريا عند احتلالها، وتعلمه السوريين وأجداده، متبعين ذات الطريقة في التصنيع، وهو ما أدى إلى استمرارية عمله حتى يومنا. 

ويوضح أصلان بأنه المصنع الوحيد الذي لا يزال يحافظ على الطريقة التقليدية في التصنيع، رغم التطور ووجود الآلات الحديثة.

لكل مدينة قالب

ويتميز هذا النوع من البلاط بأنه كلما زادت سنوات استخدامه زاد رونقه، وفي حال تركه يتغير لونه، ولكن بعد إعادة استخدامه يظهر جماله.

يتابع حديثه: "إلى جانب الجمال الذي يميز هذا النوع من البلاط فإنه أيضًا متعدد الأشكال والألوان والزخارف، حيث نمتلك في المصنع ما يقارب 1000 قالب نحاسي تتنوع ما بين شامية وبيروتية ومغربية وغيرها".

وبعض المدن الفلسطينية تعتمد على رسمة قالب خاص بها، فمثلًا مدينة نابلس نجد غالبية البيوت فيها قالب ورق العنب، والضامة، والهيلاهوب، والزنبقة، وهناك أسماء قوالب أخرى ينتجها المصنع كالسجادة الشامية والنجمة، والنجمة المعكوسة، والدولاب، والحية والمصلبة، والبطيخة، وغيرها.

ويتم صناعة هذا النوع من البلاط من مواد بسيطة ليست معقدة، فمكوناته فلسطينية، حيث يعتمد على الحجر الفلسطيني القادم من بلدة جماعين الواقعة جنوب مدينة نابلس.

وهذا الحجر من المكونات الأساسية لصناعة البلاط الشامي، إذ يعرف بقوته وصلابته وقدرته على تحمل الظروف البيئية، ويتم طحنه وإضافة الأسمنت الأبيض واللون إليه، ويصب في القالب ليتم ضغطه بمكبس قوي ليقلل من سماكته.

ويلفت أصلان إلى أن الألوان المستخدمة يتم استيرادها، وهي أربعة ألوان أساسية أحمر وأخضر وأصفر وأسود، ولكنهم في المصنع يمكنهم دمج الألوان مع بعضها للخروج بألوان جديدة تتناسب مع اختيار الزبون. 

ترميم البيوت

ويبين أن غالبية الطلبيات التي تصل المصنع لأجل ترميم البيوت القديمة التي يشترط فيها إعادة تأهيلها مع الحفاظ على نوعية البلاط القديم المستخدم، وبعض البيوت الحديثة تلجأ لوضعه في غرف الضيافة كنوع من التراث، وذلك لتكلفته العالية لما يحتاجه من وقت وجهد في صناعته.

وينتج المصنع يوميًا 50 مترًا، 20 منهم للبلاط السجاد الذي يحتوي على الزخارف، والباقي للسادة منه، وتقدر تكلفة المتر المربع من النوع الأول 150 شيكلًا، والثاني 50 شيكلًا.

تحديات كثيرة

وفي ظل محاولات عائلة أصلان الحفاظ على هذا الإرث الفلسطيني، فإنهم يواجهون تحديات كثيرة من الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول إغراءهم بمنحهم كل التسهيلات مقابل نقل المصنع إلى الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 ليصبح البلاط إنتاجًا إسرائيليًّا، إضافة إلى الصعوبات التي يفرضها في التصدير إلى الخارج، وطلب حصولهم على موافقة صاحب المصنع المتوفى من 100 عام، أو الورثة.

ويعاني المصنع قلة العمال، إذ يجد عنان صعوبة في الحصول على العاملين، "فبعد تعليم العامل وتدريبه على صناعة البلاط، يترك العمل مقابل انتقالهم للعمل في الداخل المحتل لارتفاع أجرة العامل هناك".

ويأمل أصلان الحفاظ على هذه الصناعة الفلسطينية الوطنية وتسهيل الحصول على الترخيص والتصدير للخارج.

اخبار ذات صلة