لم يقف البحر على شاطئ غزة عبثًا، هو يعرف أنه المكان الذي يصنع التاريخ ولا يتغير بتفاصيله وأحداثه، البحر كان يعلم أنه لن يكون كأي بحر من البحار، هو البحر الذي تحرسه غزة وتمنحه شرف التميز.
كيف لا وهو البحر وشاطئه الذي وضعنا على منصات التتويج في زمن صعب وقاسٍ على القضية الفلسطينية وشعبها الذي يرزح تحت نير الاحتلال منذ 74 عامًا وتحت الحصار المتعدد على غزة منذ 15 عامًا.
غزة ببحرها أنتجت أبطالًا زينوا عنقها بالميداليات الذهبية والبرونزية، غزة التي طالما أسعدت الشعب الفلسطيني بإطلاق صواريخها صوب الاحتلال، أسعدته أيضًا بإطلاق صواريخ من الأبطال نحو الرياضة العربية والقارية.
فيوم أمس عاشت فلسطين فرحة عارمة عندما تُوِّجَ منتخبها بالميدالية البرونزية لبطولة غرب آسيا لكرة الطائرة الشاطئية التي احتضنتها دولة قطر، بعد أن كانت أقرب للمنافسة على الذهب والفضة.
فقد جاء فوز منتخب فلسطين وتتويجه بالبرونزية بعد تغلبه على شقيقه السوري في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع، في حين حلت قطر في المركز الأول وعُمان بالمركز الثاني.
هذا الفوز لم يكن عاديًا، ولن يكون عاديًا بأي حال من الأحوال، فقد جاء ليكون الإنجاز الأول لكرة الطائرة الفلسطينية منذ عام 1995، وجاء في توقيت مهم جدًا في ظل المعاناة التي يمر بها الشعب الفلسطيني من جراء سطوة وبطش الاحتلال ومن جراء عبث الساسة الذين يدَّعون الوطنية.
هذا الإنجاز تحقق بفعل حُسن الاختيار والتحضر للبطولة من اتحاد اللعبة الذي تعاقب على رئاسته الكثير من الرؤساء من الراحلين أمثال: محمد نصر، ورسمي جابر، وخالد شامية، وعبد السلام هنية، حيث حرص الاتحاد على تنظيم بطولة الكرة الشاطئية منذ ما يزيد على 20 عامًا، فكانت البطولة القاعدة لتصنيع الأبطال.
ميداليات الرباع حمادة
الفرحة لم تقتصر على برونزية الشاطئية، ولكنها جاءت بعد رباعية الرباع محمد حمادة الحاصل لفلسطين على 4 ميداليات في البطولة العربية لرفع الأثقال التي أقيمت في أربيل العراقية، ثلاثة منها ذهبية على مستوى الشباب، وواحدة برونزية على مستوى الرجال.
محمد حمادة مثال للبطل الذي سيضع فلسطين على منصات التتويج العالمي والأولمبي قريبًا، بعد أن وضعها على المستويين العربي والإقليمي، فهو الناشئ الذي اجتهد حتى وصل إلى ما وصل إليه من مستوى جعله بطلًا يقف على منصات التتويج أينما ذهب.
محمد حمادة رباع يقف خلفه اتحاد داعم ممثل برئيسه الدكتور خالد الوادية الذي يتكفل بكل مصاريف المشاركات الخارجية، ويقف خلفه وإلى جانبه شقيقه المدرب حُسام حمادة، الذي سبق ووقف هو الآخر على منصات التتويج في أكثر من محفل، وآخرها دورة الألعاب العربية بقطر في عام 2011.
حمادة سيكون مستقبل رفع الأثقال الفلسطينية، وسيكون حاصد الميداليات لها خلال السنوات العشر القادمة، والتي نأمل أن يكون بينها ميدالية أولمبية، ولتكن أول ميدالية لفلسطين في المحفل الدولي الكبير، ولا سيما أن الإنجازات والميداليات عادة ما تتحقق في الألعاب الفردية، فالجميع رأى طريقة إدارة الرياضة الفلسطينية التي لا تُنتج بطلًا.
ولولا الاهتمام الشخصي من أبناء حمادة ومن ثم وجود رئيس اتحاد ميسور الحال، لما وصل حمادة إلى منصات التتويج مرات عديدة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، والتي اعتاد فيها أن يقف على منصات التتويج.
تحية لعائلة حمادة الأب خميس والمدرب حسام والرباع محمد، وتحية للاتحاد ورئيسه على حرصه واهتمامه بتحقيق إنجاز فلسطيني.