فلسطين أون لاين

​انتفاضة القدس مستمرة بشواهد رصاصات وسكاكين الشبان الثائرين

...
القدس المحتلة / غزة - أحمد المصري

تطوي انتفاضة القدس عامها الثاني، محطمة الرهان الواسع على قصر عمرها الذي سيق في الأيام الأول لاندلاعها، لتشكل حالة مقاومة وطنية فريدة في مجابهة الاحتلال الإسرائيلي وصلفه واعتداءاته على المسجد الأقصى والمقدسات والأرض، بما تعتمد عليه من وسائل مقاومة بسيطة في وجه "دولة" مسلحة منظمة.

واندلعت انتفاضة القدس في الأول من تشرين الثاني (أكتوبر) عام 2015م، بإقدام الشاب المقدسي مهند الحلبي على استهداف ثلاثة مستوطنين طعنًا بالسكين، وذلك بعد ثلاثة أيام من جريمة إضرام المستوطنين اليهود النار في منزل عائلة دوابشة، بقرية دوما قضاء مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة.

يقول الكاتب المحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات: "إن انتفاضة القدس رسمت إرادة وحاجة فلسطينية داخلية لمقاومة الاحتلال، والوقوف في وجه اعتداءات المستوطنين اليهود في ساحات مدينة القدس، ومدن الضفة الغربية".

زوبعة بفنجان

ويضيف عبيدات لصحيفة "فلسطين": إن هذه الانتفاضة كثر راهنوا على سرعة انتهائها، وأنها لم تكن إلا زوبعة في فنجان سرعان ما ستنتهي، هؤلاء خسروا هذا الرهان، لاسيما أن العمليات الفدائية التي بدأت في 2015م ما زالت مستمرة".

ويشير إلى أن العملية الأخيرة للفدائي المقدسي نمر الجمل بعد فترة غياب للعمليات المنفذة في وجه الاحتلال أكدت من جديد أن هذه الانتفاضة لم تنته، فالسبب الذي انطلقت من أجله مستمر بوجود الاحتلال ومستوطنيه، واعتداءاتهم على الأقصى ومنازل الفلسطينيين وأرضهم.

ويؤكد أن الفلسطينيين استطاعوا بهذه الانتفاضة وعملياتها التي اتسمت بالفردية وغياب الأطر التنظيمية السياسية عنها أن يحققوا انتصارًا وإنجازًا، عجزت كثير من الخطوات السياسية عن تحقيقهما على مدار سنوات، مستدلًّا بما جرى من تراجع الاحتلال عن خطوة تثبيت كاميرات المراقبة على بوابات المسجد الأقصى خلال الأسابيع الماضية.

ويتابع عبيدات: "الشهيد الجمل أراد أن يقول: إن هذه القضية لن تموت، ما دام هذا الشعب حيًّا وقادرًا على المقاومة والتصدي للمشاريع الإسرائيلية الاحتلالية"، مشددًا على أن الانتفاضة بعملية الجمل وعمليات غيره من الشبان قالت: إن طريقًا لا يرتبط بالمقاومة مشروع فاشل، ولا يمكن أن يعول عليه.

ويرى أن انتفاضة القدس من أكثر الانتفاضات إيلامًا وإيجاعًا للاحتلال الإسرائيلي، مع تفاوت البعد الزمني ما بين عملية فدائية وأخرى، وذلك على الصعيد الأمني والاستخباري، إذ لم يستطع الاحتلال التنبؤ بمعلومة استخبارية واحدة عن وقوع أي عملية منذ بداية الانتفاضة، لاعتمادها على التنفيذ الفردي غير المنظم.

حاجة ملحة

ويتفق المحلل العسكري يوسف الشرقاوي مع سابقه عبيدات بتأكيده أن انتفاضة القدس انطلقت في ظل حاجة ملحة للوقوف في وجه عربدة الاحتلال ومستوطنيه، وتصاعد الجرائم البشعة بحق الشعب الفلسطيني في كل مدن الضفة والقدس.

ويقول الشرقاوي لصحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال مع انطلاق الانتفاضة لم يستطع حصارها والقضاء عليها بأي قوة يمتلكها"، مشيرًا إلى أن الاحتلال استخدم أدوات البطش الشديد، والإعدامات الميدانية للشبان المنفذين للعمليات الفدائية، ليشكل ردعًا مستقبليًّا لأي من يفكر في تنفيذ عمل مشابه.

ويبين أن عملية القدس التي نفذها الشاب "الجمل"، وقتل فيها ثلاثة جنود إسرائيليين تدل على أن الانتفاضة مستمرة، وأن الشعب الفلسطيني لن يستسلم أبدًا، مختارًا طريقه الأقصر والأجدى لإزالة الاحتلال والتصدي لمشاريعه وجرائمه.

ويلفت الشرقاوي إلى أن الانتفاضة تتطور على صعيد الشبان المنفذين للعمليات الفدائية، بأسلوب ناجح ومؤلم للاحتلال، مشيرًا إلى أن هذه الانتفاضة نجحت بما تمتلكه من الأدوات، مع وقوعها بين مطرقة الاحتلال وسندان التنسيق الأمني مع السلطة، الذي أوجد صعوبة في تنفيذ العمليات والحصول على السلاح والتدرب عليه واستخدامه.

ويؤكد أن انتفاضة القدس ستستمر، وستختم سنوات إضافية جديدة، في ظل استمرار حالة تغول الاحتلال على الأرض والإنسان الفلسطينيين، وعدم توقف جرائمه، وتنكره للفلسطينيين وحقوقهم، ومضيه في مخططاته العنصرية.