حذّر مراقبون من خطة أمريكية - صهيونية تشارك فيها السلطة برام الله لاستئصال المقاومة في الضفة الغربية، بافتعال حرب أهلية على غرار خطة الجنرال الأمريكي كيث دايتون عام 2006.
وعلى الرغم من مرور 17 سنة على خطة دايتون، والتي وُضعت بعد فوز حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الانتخابات الفلسطينية عام 2006، إلا أنها ما زالت قائمة، مع تغيّر الأدوات والشخصيات والجغرافية، بحيث تنفذ اليوم على يد الجنرال الأمريكي مايك فينزل.
وقال الكاتب والباحث السياسي مصطفى اللداوي، إنه "قبل أن ينعتق الفلسطينيون من رقبة دايتون ولعنته، ويتخلّصوا منه ومن تركته، طالعهم خلَفه الجديد مايك فينزل، المبعوث الأمريكي الجديد، الذي يحمل ذات الأفكار، ويسير مع السلطة على ذات المنوال، يعد ويكذب، ويتعهد ويخلف، ويمنيهم ويورطهم، ويغرقهم أكثر في وحول التنسيق الأمني".
وأضاف اللداوي لـ "قدس برس"، اليوم السبت، قائلًا "يريد فينزل بالاتفاق مع الإسرائيليين والتنسيق معهم، خدمة مصالحهم وتحقيق مآربهم، وأن يبعث الحياة من جديد في الاتفاقيات السابقة.. رغم أن الشعب الفلسطيني كرهها وعافها، وعمل الكثير لوأدها وإبطالها والتخلي عنها وعدم الالتزام بها".
واعتبر أن الشعب الفلسطيني "ما زال يعيش لعنة الضابط الأمريكي كيث دايتون، ويقاسي المر بسبب تفاهماته، ويعاني ويقاسي نتيجة السياسات التي فرضها، والاتفاقيات التي أبرمها، والقيود التي كبّل بها سلطتهم وشل حركتها، وألزمها بالعمل وكيلةً لدى الاحتلال في جوانب كثيرة".
وأضاف "يعلم (المبعوث الأمريكي الحالي مايك) فينزل يقيناً أن مهمته ليست سهلة كسلفه (كيث) دايتون، وأن الطريق أمامه غير معبدة، بل هي وعرة ومتعثرة، ومليئة بالفخاخ والعقبات، وأنه سيواجه تحدياتٍ شعبيةً صعبة ومقاومةً قاسيةً، فالزمان قد تغيّر، والأجيال قد تبدّلت، والظروف قد اختلفت".
وبحسب تقدير اللداوي فإن السلطة "ستخضع وتقبل وتوافق، على مقترحات فينزل، وستلتزم بضوابطه ومحدّداته.. فالسلطة في حالٍ لا يسمح لها بفرض شروطها، أو العناد، ورفض النصائح المقدمة".
وشدّد الخبير الأمني والاستراتيجي إبراهيم حبيب، على أن جميع الأطراف تعمل على استهداف المقاومة في الضفة الغربية من خلال خطة أمنية محكمة اعدت في اجتماع العقبة.
وأشار حبيب في حديث مع "قدس برس" إلى أن هذه الأطراف على علاقة بالسلطة، ودولة الاحتلال، والإقليم، والولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد أن العقبات التي ستواجه الخطة الأمريكية لاستئصال المقاومة، تتمثل في أن "المقاومة باتت فردية بعيدة عن التنظيمات".
وقال حبيب: "الخطة المطروحة الآن لاستئصال المقاومة كانت مطروحة لإسقاط حكم حركة حماس بعد فوزها في الانتخابات عام ٢٠٠٦، وتمكّنها من تشكيل الحكومة العاشرة برئاسة إسماعيل هنية".
وحذّر من افتعال السلطة للمشكلات الداخلية؛ للقضاء على المقاومة، وتحول المواجهة من مواجهة مع الاحتلال إلى مواجهة داخلية، مؤكداً صعوبة الواقع الجديد.
وأوضح قائلاً إن "المشكلات الداخلية ستسوق للعالم على أن الفلسطينيين غير قادرين على إدارة أنفسهم، بل واحترابهم مع بعضهم البعض، والنتيجة مريحة لـ(إسرائيل) والإقليم وأمريكا" وفق توقعاته.
وتابع حبيب "في حال نجاح الخطة؛ فـ(إسرائيل) وأمريكا والإقليم والسلطة رابحون، ولن يُفسد هذا المخطط إلا التوعية الشاملة التي يجب أن يقودها كل الغيورين على الوطن والشعب لإفشالها، والاصطفاف كتلة واحدة ضد هذا المخطط الخبيث، والوقوف خلف المقاومة".
ومن جهته قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف: "إن سيناريو غزة عام 2006 سيتكرر ولكن بطريقة مختلفة قليلًا".
وأضاف "كان هناك تدريبات ومعدات وتجهيزات قدّمتها دولة الامارات لأجهزة أمن السلطة، والتدريب كان في الأردن ومصر، ولقاء العقبة الأخير، هو أشبه بلقاء العقبة عندما فازت حماس بانتخابات 2006، والهدف هو استئصال مشروعها، وكان ما كان من أحداث وقعت (أحداث الإنقسام 2007 وخروج السلطة من قطاع غزة)".
واعتبر أن لقاء العقبة (في مدينة العقبة الأردنية يوم 26 شباط/فبراير الماضي) "لم يكن إلا لقاء أمنيًا تم التخطيط له على أعلى المستويات، وهذه الخطط التي وضعت كان مطلوب من أجهزة السلطة العمل بها وتنفيذها، وخاصة مع المقاومين في كل مدن الضفة الغربية، بهدف تصفية رجال المقاومة".
وأضاف: "أجهزة الأمن في سلطة رام الله تعمل بكل جهد منذ انتهاء لقاء العقبة؛ وتتلقي المعلومات والخطط في مواجهة المقاومين".
واستعرض الصواف، من وجهة نظره، السيناريو الذي تخطّط له هذه الأجهزة، والقائمة عبر نصب كمائن أو حواجز، أو اصطناع حدث أو مواجهة مع الاحتلال وتبادل لإطلاق النار، وتصوير الأمر على أنه خروج على القانون، واتخاذه مبررًا لشن هجوم قاتل على المقاومين بدعوى أنهم خارجون عن القانون، وملاحقتهم وقتلهم أو اعتقالهم؛ حماية للمشروع الوطني.
وتابع الصواف: "مشهد إذا تحقق فإنه ينبئ بسيناريو المرحلة القادمة بعد مؤامرة العقبة، ولذلك علينا الحذر الشديد من هذا السيناريو الذي تخطط له السلطة وأجهزتها الأمنية، وهذا يستدعي من المقاومة ورجالها وحاضنتها الشعبية الانتباه لما تخطط له أجهزة السلطة، وأخذ الحذر الشديد" على حد تعبيره.
وانطلقت، الأحد الماضي، قمة أمنية، في مدينة العقبة الأردنية على ساحل البحر الأحمر (350 كيلومترًا جنوبًا)، بمشاركة وفد يمثل السلطة الفلسطينية، ومسؤولين من الحكومة الإسرائيلية، وحضور وفود من أمريكا ومصر والأردن، لبحث ومناقشة ملفات سياسية وأمنية وعسكرية، وسط تنديد فصائلي وشعبي كبيرين.
وصدر عن القمة بيان أكد على ضرورة خفض التصعيد في الأراضي الفلسطينية، و"منع المزيد من العنف"، ووقف الاستيطان والبؤر الاستيطانية لستة أشهر.
ووضع الجنرال الأمريكي "مايك فنزل" خطة لتدريب 12 ألف عنصر أمني فلسطيني لمحاربة المقاومة في شمال الضفة الغربية.