تعكس العديد من المشاهد في ميناء غزة البحري أوضاع الصيادين في القطاع الساحلي المفروض عليه حصار إسرائيلي مطبق ترك تداعياته السلبية على جميع مجالات الحياة هنا، وخاصة فئة الصيادين.
للوهلة الأولى عند دخولك الميناء ستشاهد العديد من القوارب مختلفة الأحجام، وهي مركونة منذ سنوات ولا يقدر أصحابها على صيانتها وتشغيلها إما بسبب فقدان قطع الغيار وإما لارتفاع أثمانها أضعافًا مضاعفة.
هكذا يبدو حال جميع الصيادين، ومنهم فوزي النجار (57 عامًا)، من سكان مخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة.
وقال النجار لصحيفة "فلسطين": إنه بدأ العمل في البحر منذ كان عمره 13 عامًا لكنه لم يواجه ظروفًا صعبة مثل التي يمر بها اليوم.
وأكثر المشكلات التي يواجهها هذا الصياد وفق قوله، استمرار انتهاكات بحرية الاحتلال وإجراءاتها المستمرة فيما يتعلق بالتلاعب بالمساحات المسموح الصيد فيها، منع دخول قطع الغيار خاصة للمحركات.
ويضيف أن بعض قطع الغيار عند توفرها بالأسواق يصل ثمنها أضعاف ثمنها الأصلي، ولعدم قدرة نسبة عالية من الصيادين على عدم تسديد ثمن الصيانة، يلجأ إلى ركن قاربه وعدم ممارسة الصيد أو العمل عند صيادين آخرين يملكون قوارب متعددة الأحجام والأغراض.
ويتابع أن كميات الأسماك التي يصيدها بواسطة قاربه "حسكة موتور"، والعائد المادي من ورائها لا يكفي لإصلاح عطل بسيط جدًا في محرك القارب.
وليس بإمكان النجار الابتعاد عن البحر كثيرًا رغم تردي الظروف والأعطال التي يتعرض لها قاربه، فهو يعيل أسرة مكونة من زوجته وأبنائه وبناته السبعة، أكبرهم (22 عامًا) وأصغرهم (11 عامًا)، ويعيشون في بيت بالإيجار بقيمة 500 شيقل شهريًا، قرابة 160 دولارًا.
كذلك الصياد محمود النحال (43 عامًا)، فهو أيضًا من أكثر المتضررين من استمرار الحصار وانتهاكات الاحتلال في عرض البحر.
ويؤكد لصحيفة فلسطين، أن مساحة الصيد المسوح للصيادين الإبحار فيها ضيقة جدًا في وقت يزداد فيه عددهم بسبب لجوء الكثير من المواطنين إلى تعلم المهنة والعمل فيها بسبب زيادة نسبة البطالة بغزة نتيجة الحصار.
ورغم انضمام النحال للعمل صيادًا منذ كان عمره 12 عامًا فإنه لا يملك قاربًا خاصًا به، وقال إنه يعمل على قارب صيد كبير يعود لأحد الصيادين.
ويضيف أنه إذا اصطاد سمكًا فإنه يوفر حاجيات أسرته، وحال لم يتمكن من الصيد على القارب الذي يعمل عليه، فإنه لا يقدر على توفير ما تحتاجه أسرته.
ويتابع أن بحرية الاحتلال تتعمد التضييق على الصيادين، وهي تعرف أماكن وجود الأسماك بكثرة، وتحول دول وصول الصيادين إليها من خلال التلاعب بمساحات الصيد، وملاحقة الصيادين واعتقالهم ومصادرة قواربهم ومحركاتها أو تدميرها وإغراقها في عمق البحر.
ويلفت إلى أن انتهاكات الاحتلال تزداد بمرور الأيام، وهي تترك تداعيات خطيرة على أوضاع الصيادين.
الأمن الغذائي
وبحسب نقيب الصيادين بغزة نزار عياش، فإن عدد الصيادين بغزة يصل إلى 4500 صياد، يعيلون 50 ألف نسمة، ويشاركون في توفير الأمن الغذائي "الأسماك" للمواطنين بدلاً من استيرادها من الخارج.
ويبيِّن عياش لصحيفة فلسطين أن وجود الاحتلال عامل رئيسي في معاناة الصيادين، وما يصاحب ذلك من سلب لوسائل رزقهم، ويشمل ذلك مصادرة القوارب ومحركاتها، فضلاً عن تضييق مساحة الصيد وإطلاق النار.
وينبِّه إلى استمرار منع سلطات الاحتلال دخول مادة "الفيبر جلاس" لغزة منذ قرابة 10 سنوات؛ ما أدى إلى ارتفاع ثمن الكيلو الواحد من المادة نفسها من 15 شيقلاً إلى 80-100 شيقل، وهذا الأمر ينطبق على محركات القوارب وقطع الغيار الخاصة بها.
ويردف أن ما يرهق الصيادين صيانة القوارب عند تعطلها، خاصة أن غالبية المحركات الموجودة بغزة انتهى عمرها الافتراضي منذ سنين ولا يوجد بديل لها بسبب الحصار الإسرائيلي، في وقت لا يستطيع الصيادون ترك البحر أو الابتعاد عنه، إذ ليس لهم مصدر دخل آخر سواه.