كشف انسحاب جيش الاحتلال "الإسرائيلي" من محور "نتساريم"، الذي يفصل قطاع غزة عن وسطه وجنوبه، صباح الأحد، عن مجازر وحشية ودمارًا كبيرًا في المباني والبنى التحتية وذلك مع بدء توجه الأهالي إلى ركام منازلهم لانتشال جثث الشهداء من تحت الأنقاض.
وأفادت مصادر فلسطينية، عن شهود عيان، العثور على جثث وهياكل عظمية لعدد من المواطنين بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من محور نتساريم، الذي اشتهر طيلة أيام الحرب باسم (طريق الموت)، ممرًّا لعودة النازحين.
ونشرت مقاطع فيديو يكشف عن حجم الدمار الواسع الذي خلّفه الاحتلال في منطقة نتساريم ومنطقة المغراقة وجحر الديك وسط القطاع، حيث بدت معالم هذه المناطق مدمرة بفعل القصف المكثف والتجريف الواسع الذي طال الأراضي الزراعية والممتلكات المدنية.
كما وثق شهود عيان ملابس ممزقة وممتلكات لفلسطينيين متناثرة على الأرض في محور نستاريم وسط قطاع غزة، حيث كان الجيش الإسرائيلي متمركزًا قبل انسحابه الكامل من المنطقة، اليوم الأحد.
وتعود هذه الملابس، وفق شهود عيان، إلى فلسطينيين جردهم الجيش الإسرائيلي من ملابسهم قبل اعتقالهم خلال الإبادة التي ارتكبها على مدار أكثر من 15 شهرًا.
وقال أحد المواطنين: "هذا ما تبقى، عندما كان أهالي الشمال ينزحون للجنوب، كانوا يتعرضون للاعتداء عليهم والتجريد من ملابسهم ". وأضاف: "الجيش لا يترك للفلسطينيين شيء، يجردهم ملابسهم وأغراضهم، ثم يعتقلهم".
كما وثقت الصور ومقاطع الفيديو، لافتة تركها الجيش الإسرائيلي في الموقع، كتب عليها: "نقطة التفتيش أمامك، عليك الالتزام بالتعليمات، حضّر بطاقة الهوية"، في إشارة إلى إجراءات التفتيش والاعتقال التي فرضتها القوات الإسرائيلية على الفلسطينيين في المنطقة.
وانسحبت الآليات العسكرية الإسرائيلية، الليلة الماضية، من محوّر نتساريم الذي أقامه الجيش الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية وسط غزة ويفصل شمالي القطاع عن جنوبه، بعد أكثر من عام وثلاثة أشهر على احتلاله.
وفصل الجيش الإسرائيلي محافظتي غزة والشمال عن محافظات الوسط والجنوب أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وأجبر وقتها مليون فلسطيني على النزوح، تحت القصف والإبادة، إلى جنوب وادي غزة.
وأنشأ محور نتساريم، الممتد من كيبوتس "بئيري" في غلاف غزة إلى البحر الأبيض المتوسط، بطول 8 كيلومترات وعرض 7 كيلومترات، بهدف عزل شمال القطاع عن وسطه وجنوبه، وتأمين تحركات قواته بين مناطق التمركز العسكرية.
ويُعرف المحور إسرائيليًا بأنه كان مركز العمليات العسكرية التي أعقبت الاجتياح البري لقطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث لعب دورا رئيسيا في تقسيم القطاع جغرافيا واجتماعيا، مما أدى إلى عزل آلاف العائلات وتأزيم الأوضاع الإنسانية في المناطق الشمالية.
وعلق روعي شارون لقناة "كان" العبريّة، بعد قرار الإخلاء لمحور "نتساريم"، بالقول: لم يتبق الكثير من وسائل الضغط بيد (إسرائيل) في هذه المرحلة، وبعد ذلك، ما سيبقى هو بطبيعة الحال إطلاق سراح المزيد من الفلسطينيين، مضيفًا: "عندما يقول رئيس الوزراء: "لن نتجاهل الصور المروعة التي شاهدناها اليوم"، لست متأكدًا ما إذا كان هناك أي شيء آخر يمكن القيام به للضغط على حماس"
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن المواقع تم إخلاؤها تقع شرق شارع صلاح الدين، مما يعني أن الجيش الإسرائيلي لن يبقي على أي وجود له في وسط وشمال قطاع غزة، باستثناء قوات الفرقة 162 التي تنتشر على طول المنطقة العازلة قرب الحدود.
وأشارت الصحيفة إلى أن محور نتساريم كان يمثل نقطة إستراتيجية للمناورة العسكرية الإسرائيلية، فضلا عن أهميته لدى المستوطنين الذين كانوا يطمحون للعودة إلى الاستيطان في شمال القطاع.
وفي 27 يناير الماضي، بدأت عملية عودة الفلسطينيين إلى شمالي قطاع غزة سيرا على الأقدام عبر الطريق الساحلي وبالمركبات على طريق صلاح الدين، فيما تولت 3 شركات أمنية أمريكية ومصرية عملية تفتيش المركبات العائدة، وفق إعلام عبري.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 159 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
وفي 19 يناير الماضي، بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.