يرى خبيران في الشؤون الإسرائيلية أن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير الغزيين، عقب لقائه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جاءت في سياق رفع معنويات الأخير وتقديم هدية لـ(إسرائيل) وحكومتها المتطرفة على جرائم القتل والتدمير التي ارتكبتها في قطاع غزة خلال حرب الإبادة.
وخلال اللقاء مع نتنياهو، جدد ترامب تصريحاته بخصوص غزة قائلًا: "لا بديل أمام سكان قطاع غزة إلا مغادرته"، وهي الدعوة التي قوبلت برفض واسع فلسطينيًا وعربيًا.
ترضية ورفع للمعنويات
وقال مراد السبع، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن ترامب بهذه التصريحات يقدم هدية لإسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة على ما ارتكبوه من قتل وتدمير في غزة، كما أنها ترضية للابن المدلل (إسرائيل) القابع في الشرق الأوسط.
ويعتبر د. عمر جعارة، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن تشدد ترامب في تصريحاته أمام نتنياهو محاولة لرفع معنوياته وزيادة شعبيته الداخلية بعد فشله في تحقيق أهداف حربه العدوانية على غزة.
ويؤكد جعارة لـ "فلسطين أون لاين" أن تلك التصريحات تغذي المجتمع الإسرائيلي المتطرف بمزيد من العداء تجاه العرب والفلسطينيين، مشيرًا إلى سيطرة الأحزاب المتطرفة على حكومة نتنياهو.
حرب المخيمات
ويقول السبع لـ"فلسطين أون لاين"، إن ترامب بتصريحاته يبارك "حرب المخيمات" المتواصلة في الضفة الغربية، حيث يقوم الاحتلال بتدميرها في محاولة لإلغاء عنوان الصمود والعودة للداخل الفلسطيني. ويضيف أن هذه التصريحات تمثل أيضًا مباركة لكل ما تقوم به (إسرائيل) من عمليات قتل وتهجير وضمّ للضفة الغربية.
ويعتقد أن ترامب يطلق العنان لحكومة نتنياهو لمزيد من العدوان والتدمير والتفكير في تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية أيضًا.
ويشير السبع إلى استباق الاحتلال الإسرائيلي للضوء الأخضر الأميركي لتغيير الواقع في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر 2023، معتبرًا أن الضفة تمثل أهمية أكبر من غزة بالنسبة لـ(إسرائيل) من الناحية التلمودية.
وحدة اليسار واليمين
ويلفت إلى أن تصريحات ترامب لن تغيّر في سلم الأولويات الإسرائيلية، لكنها ستسرّع من تنفيذها، خصوصًا فيما يتعلق بضمّ الضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين منها ومن غزة.
وبرأيه، فإن أحزاب اليسار والمعارضة الإسرائيلية تتبنى الأفكار اليمينية، وتتخندق جميعًا في خندق واحد لمواجهة ما تعتبره "خطر زوال إسرائيل"، موضحًا أن الصراعات بين تلك القوى ليست على الضفة الغربية أو شكل الحرب، بل على الحكم.
ما الذي تنتظره الضفة وغزة بعد حديث ترامب المتكرر بشأن غزة؟ يجيب السبع بأن (إسرائيل) ترى في غزة تهديدًا لمستوطنات ما يسمى "غلاف غزة"، كما تسعى للسيطرة على حقول الغاز قبالة شواطئها، وتعتبرها امتدادًا استيطانيًا دفاعيًا على الحدود المصرية
ويضيف: أما الضفة الغربية، فإن (إسرائيل) تعتقد أنها قلب تل أبيب، وبالتالي هي محطة انطلاق لتحقيق ما يسمى "إسرائيل الكبرى" عبر احتلال أجزاء من دول الإقليم، كما حدث في سوريا ولبنان.
ووفق جعارة، فإن الأولوية في تنفيذ مخططات ترامب الخطيرة ستكون في الضفة الغربية، لأهميتها بالنسبة للإسرائيليين من جهة، ولعدم وجود قوى فلسطينية قوية تواجه الاحتلال الإسرائيلي كما فعلت المقاومة في غزة وأفشلت أهدافه طوال 471 يومًا من حرب الإبادة.
ويتابع: الاحتلال يعمل بقوة في الضفة الغربية، وجماعات المستوطنين المتطرفين تعيث فسادًا في أنحاء الضفة والقدس، مستهدفة القرى والبلدات الفلسطينية، في سبيل تحقيق مشروعهم الأكبر القاضي بضمّ الضفة الغربية.
قيادة موحدة
مواجهة المخططات الأميركية-الإسرائيلية تتطلب، بحسب الخبراء، نزول القيادات الفلسطينية إلى الشارع، وتشكيل قيادة وطنية موحدة، والتخلي عن الحالة الحزبية المترهلة.
ويقول السبع: القيادة الفلسطينية تكتفي دائمًا بالتصريحات والإدانات العفوية التي لا تقدم أي حلول ملموسة للمواطن، بينما الدور الأكبر يقع على الأحزاب، التي يجب أن تتجاوز خلافاتها الداخلية وتسعى لتشكيل قيادة وطنية موحدة تواجه المخاطر المحدقة بالشعب الفلسطيني.
ويؤكد جعارة أن التصدي لهذه المخططات يحتاج إلى وجود مقاومة منظمة وقوية في الضفة الغربية، مماثلة لما جرى في غزة، حيث تصدت قوى المقاومة لعدوان الاحتلال وكبّدته خسائر فادحة أجبرته على وقف إطلاق النار.