تفاجأ الفلسطينيون والمناصرون للقضية الفلسطينية بنبأ استدعاء رئيس السلطة "محمود عباس" للقاء وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي "بيني غانتس"، وما زاد النبأ غرابة واستهجانًا هو أن اللقاء حصل داخل مستوطنة (إسرائيلية)، في وسط فلسطين المحتلة.
وتسلل وفد السلطة ليلة الثلاثاء- الأربعاء الماضيين إلى مستوطنة (روش هعاين) المقامة على أراضي قرية رأس العين الفلسطينية المهجّرة عام 1948م، لعقد اللقاء تحت غطاء الليل، لعله يستر سوأة التنسيق الأمني والدور الوظيفي للسلطة الذي أوصلها إلى هذه المكانة المهينة.
وبغض النظر عن فحوى اللقاء ومخرجاته المُهينة؛ إن مكان اللقاء له دلالاته الأكثر إهانة، فما قام به "عباس" اعتراف جديد بملكية الاحتلال للأراضي الفلسطينية التي قضمها عام 1948، واعتراف أيضًا بـ(شرعية) المستوطنات ووجودها فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك يشمل ضمنًا إدانة لمعركة "سيف القدس" التي نالت من مستوطنات الاحتلال وجيشه الذي عبث في "الأقصى" وهدد المقدسيين وشرد بعضهم، فأعادت قضية فلسطين للواجهة، ولمت شمل الوطنيين والمناصرين المسلمين وغير المسلمين.
ولعل هذا ما دفع الناطق باسم خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، نيد برايس، للقول في تغريدة له الخميس 30 ديسمبر، إن بلاده "سعيدة جدًّا"، مضيفًا: "نأمل أن تؤدي إجراءات (بناء الثقة) التي نوقشت إلى تسريع الزخم لزيادة تعزيز الحرية والأمن والازدهار للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء في 2022"، دون أي إشارة قريبة أو بعيدة لما ترنو إليه السُلطة من التوصل إلى "تسوية".
ومكافأة له على خنوعه، سمح "غانتس" بتسهيلات وامتيازات خصّ بها القطط السمان المحيطة بـ"عباس" حتى تدعم تبنيه للتنسيق الأمني مع الاحتلال، وتحول دون حدوث أي صحوة نحو الكل الفلسطيني ومقاومته سبيلًا وحيدًا لتحرير كل فلسطين كما أثبتت معركة "سيف القدس".