فلسطين أون لاين

الاحتلال يتحمل مسؤوليتهم والسلطة تعاملهم كـ"مغتربين"

حوار ماجد الزير: اللاجئون في 2021.. محاولات تشتيتهم متواصلة وتبديد (أونروا) يدق ناقوس الخطر

...
صورة أرشيفية
لندن-غزة/ نور الدين صالح:

قال القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج ماجد الزير: "إن عام 2021 شهد استمرارًا لمعاناة لاجئي الشعب الفلسطيني المشتتين في عدة بلدان عربية وأوروبية منذ أكثر من 70 عامًا، في الوقت الذي يشهد محاولات حثيثة لدثر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)"، منتقدًا دور السلطة برام الله تجاه قضيتهم.

وأوضح الزير في حوار خاص لصحيفة "فلسطين" أن معادلة اللاجئين الفلسطينيين لم تتغير طوال سنين النكبة، مشيرًا إلى تقييم قضيتهم من عام إلى آخر وفقًا لثلاثة أبعاد سياسية وإنسانية وقانونية.

وبيّن أن الجانب السياسي يتمثل في مدى حضور قضية اللاجئين وتمسكهم بحق العودة، أما الإنساني فيتمثل في وضعهم المعيشي والإنساني، والقانوني يتعلق بوضعهم في دول الشتات، بعد جريمة النكبة التي وقعت عليهم عام 1948، لافتًا إلى أن معاناتهم لم تتوقف بعد هجرتهم الأولى، إذ اضطر كثير منهم إلى نزوح وهجرات أخرى، كما جرى في سوريا والعراق ولبنان.

وشدد على أن الاحتلال الإسرائيلي يتحمل مسؤولية اللاجئين، فهو سبب تهجيرهم ونزوحهم بعدما ارتكب عشرات المذابح والمجازر بحقهم في فلسطين المحتلة منذ عام 1948، ليقيم دولته المزعومة، وكذلك يقع على الأمم المتحدة والمنظومة الدولية مسؤولية أيضًا، لكونهما ساعدتا في الأمر الواقع الذي يحياه اللاجئون.

وحسب حديث الزير؛ إن معاناة اللاجئين الفلسطينيين تزداد يومًا بعد آخر، وكذلك الألم النفسي، لابتعادهم قسرًا عن وطنهم، وضياع ممتلكاتهم وأرضهم، ويتوارث ذلك جيل عقب جيل.

وأشار إلى العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في أيار (مايو) 2021، الذي طال نحو 70% من اللاجئين الفلسطينيين بالمخيمات، واصفًا إياه بـ"الاعتداء الوحشي"، فضلًا عما تشهده مخيمات الضفة الغربية المحتلة من انتهاكات إسرائيلية يومية.

ولفت إلى أنه رغم الألم الذي لحق بالشعب الفلسطيني خلال العدوان الأخير أعطت معركة "سيف القدس"، التي خاضتها المقاومة بغزة دفاعًا عن شعبها والمقدسات ورد العدوان؛ الأمل في أن المقاومة ليست فقط التمسك بالبُعد الوجداني، إنما هناك محاكاة سياسية وواقعية للتحرير وعودة اللاجئين.

محاربة "أونروا"

وأكد الزير أهمية وجود مؤسسات داعمة لقضية اللاجئين وحق العودة داخل فلسطين المحتلة وخارجها، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يورث للأجيال الجديدة التي أصبحت تتمسك بحقها في العودة وتنخرط في العمل الوطني، إذ تجلى ذلك في دعم القدس وغزة، حينما عمت التظاهرات أماكن اللجوء ووسائل التواصل الاجتماعي، عادًّا إياها "مبشرات مهمة".

وبيّن أن "أونروا" لا تزال تلقى هجومًا ومحاولات تبديد من الإدارات الأمريكية المتعاقبة، خاصة ما حدث في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ضمن محاولات تصفيتها والقضاء عليها، لكن الشعب الفلسطيني يظهر في كل مرة مدى الوعي الحقيقي لأهمية الوكالة الأممية على الصعيد السياسي، فهي عنوان الأمم المتحدة وفقًا لقرارها (194).

ورأى الزير أن استمرار استهداف الإدارات الأمريكية قضية العودة واللجوء يؤكد قوة حق العودة، ومدى هاجس الاحتلال من ذلك الحق وتمسك الشعب الفلسطيني به، منبهًا إلى وجود مساعٍ صهيونية أمريكية لتفريغ حق العودة من نقاط قوته والعوامل التي تغذيه، "لذلك يستخدم الاحتلال الإدارات الأمريكية عصا يضرب بها هذا الحق".

وقال: "إن الإدارة الأمريكية في عهد جو بايدن ليست بفجاجة وقرارات ترامب، لكنها أيضًا لا يُمكن التعويل عليها، لأن الدعم الأمريكي موجه للاحتلال دائمًا على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته، ما يستدعي مواصلة شعبنا التمسك والتوحد خلف قضية اللاجئين، وبقاء الوكالة الأممية".

ورأى أن تقليص ميزانيات "أونروا" إحدى الوسائل المباشرة لإضعافها، إضافة إلى بعض النقاط في القضايا الإدارية، لافتًا إلى أن المؤتمر الذي عقدته الوكالة الأممية خلال عام 2021 كان لإعادة تمسك الدول العربية بقضية اللاجئين، مضيفًا: "بعض الدول العربية بحاجة لإعادة قراءة في القضية".

وشهد عام 2021 توقيع "اتفاقية الإطار" في 14 تموز (يوليو) بين "أونروا" والإدارة الأمريكية، لإعادة التمويل الأمريكي لها بعد سنوات من قطعه إبان إدارة ترامب، لكنه قوبل برفض فلسطيني، لكونه يضع شروطًا غير مقبولة لاستمرار تمويلها.

وبدأت أزمة "أونروا" مع تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة في كانون الأول (ديسمبر) 2016، وتفاقمت مع اتخاذه قرارًا في 16 كانون الآخر (يناير) 2017 بتقليص مساعدات الوكالة المالية البالغة 360 مليون دولار.

أوسلو الكارثية

وفيما يتعلق بدور منظمة التحرير تجاه اللاجئين أوضح الزير أنه كان لها دور في الحفاظ على قضية اللاجئين في الستينيات، إلى أن جاءت كارثة توقيعها اتفاقية أوسلو لتقضي على دورها، إذ لم تعد المنظمة إلا اسمًا وعنوانًا مفرغًا من الهياكل، بتحويل كل شيء فيها إلى عنوان السلطة الذي كان له الأثر برفع الغطاء عن نحو 7 ملايين فلسطيني في الخارج.

وأكد أهمية إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير على أسس جامعة للشعب الفلسطيني، بإجراء انتخابات في الداخل والخارج تمثل إرادة الشعب الفلسطيني، قائلًا: "نحن لا نبحث عن غطاء تمثيلي فقط، إنما عن منظمة تمثل 15 مليون فلسطيني بإرادة صحيحة، لذلك يجب أن يكون عنوانها على طاولة كل المعنيين من شعبنا، ومن يدعم الحق الفلسطيني".

وانتقد الزير دور السلطة في التعامل مع اللاجئين في الخارج، إذ إنها تعاملهم على أنهم "مغتربون"، وهو ما يمس بالبعد السياسي لقضية اللجوء الفلسطيني، لا سيما أنهم مبعدون قسرًا لا طوعًا، مشددًا على ضرورة إعادة النظر في هذا الوصف الذي تتعامل به السلطة، فتسمية وزارة "الخارجية والمغتربين" بهذا الاسم لا تزال قائمة، وهو يمس بحق العودة الأصيل.

ورأى أن السلطة لا تمثل كل أبناء الشعب الفلسطيني، ففي تعاملها مع فلسطينيي الخارج اجتزاء، وفقًا لانتمائهم السياسي، داعيًا الفصائل للتحرك والضغط لتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية، خاصة أن الانقسام أثر سلبًا في قضية اللاجئين وحق العودة.

مبادرة اللاجئين

وتطرق الزير إلى مبادرة فلسطينيي أوروبا الوطنية، التي تضم مختلف ألوان الطيف الفلسطيني من الشخصيات الثقافية والاجتماعية، لتوحيد كل الجهود الوطنية في القارة الأوروبية.

وبين أن المبادرة تسعى إلى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني الشرعية، وإنجاز حقوقه في تقرير مصيره والعودة إلى دياره، بما كفلته كل المواثيق والقوانين الدولية، وبما ينسجم مع الأنظمة والقوانين المعمول بها في دول الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن أعضاء المبادرة التي أسست قبل عامين عقدوا مؤتمرهم الأول في 5 ديسمبر 2021، لتدارس دور فلسطينيي أوروبا في العمل الوطني.

وحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني؛ بلغ عدد الفلسطينيين بالعالم مع نهاية 2020 نحو 13.7 مليون، منهم 2.1 مليون في قطاع غزة، و3.1 مليون في الضفة الغربية المحتلة، و6.2 مليون في الدول العربية، ونحو 738 ألفًا في الدول الأجنبية.

ووثق مركز الزيتونة للاستشارات والدراسات في بيروت، بتقرير إستراتيجي؛ بلوغ عدد اللاجئين الفلسطينيين من مسجلين وغير مسجلين لدى "أونروا" نحو 8.990 مليون لاجئ، أي ما يعادل 67.4% من مجموع الشعب الفلسطيني، حتى مطلع 2020.