محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، رئيس حركة فتح، يلتقي بغانتس وزير الأمن الإسرائيلي في بيته في (تل أبيب). لست أدري من الذي حدد موعد اللقاء وتاريخه، هل هو عباس أو غانتس؟! صحيح أن التاريخ واليوم من الأمور الشكلية، ولكن يجدر التنبيه على أن اللقاء يأتي في تاريخ انطلاقة فتح، وفي ظل الاستعداد لاحتفالات الانطلاقة.
المفارقة المزعجة هنا أن الانطلاقة تذكرنا عادة بالرصاصة الأولى، وتذكرنا بالكفاح المسلح لتحرير فلسطين، وتذكرنا بأم الجماهير. ولقاء عباس بغانتس يعطي قراءة مضادة تماما لمعاني الانطلاقة. اللقاء يشير إلى التنازل شبه الكامل عن مفاهيم الانطلاقة. ويشير لتقبل عباس للأمر الواقع، والتعامل معه بروح المنهزم المستسلم لقوة العدو، وللخذلان الدولي والعربي!
الفصائل الفلسطينية اجتمعت معا في غزة وأعلنت استنكارها للقاء، وقالت إنه يعمل على تغطية جرائم الاحتلال، وما يجري من استيطان، وتهويد، وهو بلا فائدة مرجوه للفلسطينيين. الفصائل ترى أن عباس أخطأ في هذا اللقاء، ولا سيما في هذا التوقيت الذي يشهد على تنكيل الاحتلال بالأسيرات والأسرى، ويشهد أوسع حملة استيطانية، ويشهد على أن بينيت قال إنه ليست لديه حلول سياسية يتعاطاها مع عباس، ويرفض علنا وبقوة فتح قنصلية أمريكية في القدس لخدمة الفلسطينيين، باعتبار أن فتح القنصلية فيه إشارة إلى أن إدارة بايدن لا تعترف بضم القدس لإسرائيل.
الفصائل تنتقد ولكن المتحدث الإعلامي في حركة فتح يرى أنه من الضرورة بمكان طرق جميع الأبواب! وكأن السلطة تركت بابا بلا طرق له. السلطة ورئيس المنظمة رئيس فتح طرق كل الأبواب، ولكنه لم يجد بابا مفتوحا يفضي لتفاوض منتج ومفيد.
أبواب الملف السياسي مغلقة تماما في عهد حكومة بينيت، وهو إغلاق معلن، وليس إغلاقا مستورا أو مبررا، بل هو إغلاق كامل، وكذا لم يكن مفتوحا في عهد نتنياهو، وعليه لا داعي لاستغفال المواطنين واستخدام معادلة هي صحيحة في المنطق للتبرير والمناورة. اللقاء لا يخدم المصالح الفلسطينية، اللقاء في مصلحة غانتس ودولة (إسرائيل)، وليس فيه خدمات للقضية الفلسطينية. ثمة إجماع فصائلي وحزبي على إدانة اللقاء، والقول إنه لا يخدم القضية الفلسطينية البتة، فهل يمكن للمتحدث الإعلامي الجاغوب أن يقنع قادة الفصائل به؟! وهل يمكن لمقولة طرق الأبواب أن تقفز بنا عن الواقع المرّ للتفاوض الذي مضى من عمره ثلاثون عاما؟