تسير بطولات الدوري في غزة المحاصرة والمحرومة أبسطَ مقومات الصمود، سيرًا أكثر من رائع، تنظيميًا وإداريًا وفنيًا، ومن ثم تنافسيًا رغم أنها ما زالت في البداية، حيث تنتهي اليوم منافسات الجولة الرابعة، في ظل خطوات واثقة وثابة تُدلل على نهاية سعيدة كسابقاتها من النهائيات التي تُحسب للرياضة في غزة والقائمين عليها في الأندية والاتحادات بأن الاستقرار والاستمرار في البطولات أمر يُساهم في تحسين مظاهر الحياة للغزاوي الذي يخضع لضغوطات لو مورست على مواطن غيره في أي دولة أخرى لانهار وانهارت دولته.
اليوم تنتهي الجولة الرابعة للدوري لنشهد الحالة الثانية من حالات استقالة المدربين، حيث إنه وبعيدًا عن استقالة مدرب فريق لم يسبق وأن حصل على أي بطولة رغم منافسته في السنوات الأخيرة، إلا أن استقالة مدرب فريق بطل، وليس أي بطل، أمر يستحق التوقف عنده من أجل التحليل واستخلاص العبر.
يوم أمس أعلن الكابتن رأفت خليفة استقالته من تدريب فريق شباب رفح بعد دقائق من خسارته أمام الشجاعية، وهو الأمر الذي استغربه الكثيرون، وأنا من بينهم، ولا سيما أن خليفة كان المُنقذ للفريق في الموسم الماضي الذي نجا منه من الهبوط وحصل فيه على كأس غزة وكأس السوبر، ومن ثم فاز بلقب الدوري، ولا ننسى أنه كان أول مدرب يُحقق للزعيم الرفحي لقب بطولة الدوري موسم 2012-2013.
كيف يُمكن أن نُحلل استقالة مدرب بعد أول خسارة له في الموسم وهو المتصدر، وهذا بحد ذاته يُثير الاستغراب والاستفسار، فهناك من يُحرك بعض الأمور في النادي بعيدًا عن مجلس الإدارة، أو ربما من داخله، وهذا بحد ذاته يُحسب على النادي الأكثر فوزًا بالألقاب على مستوى فلسطين.
كيف يُمكن أن يُطالب البعض بل ويعمل على إزاحة خليفة عن موقعه والبطولة ما زالت في بدايتها، وأن الفريق لا يبتعد عن المتصدر سوى بنقطة واحدة، فالأمر لم يصل إلى حد تتالي الخسائر وابتعاد الفريق عن المنافسة حتى يُطالَب بإقالته أو يُمارس الضغط عليه من دفعه إلى الاستقالة، حتى يُقال إنه هو من استقال ولم يُمارس أحد الضغط عليه للاستقالة.
فهل من المنطق أن يستقيل مدرب بعد أول خسارة، أعقبت ثلاث انتصارات متتالية؟ هذا أمر غريب لا يُمكن إلا أن يكون خلفه سبب إن لم يكن أسبابا.
كيف يُمكن أن نُحلل استقالة مدرب حاصل فريقه على لقبين من الألقاب الثلاثة لبطولة دوري، والمدرب الذي حقق لفريقه بطولتي كأس وبطولتي سوبر، وما زال أبرز المرشحين للاحتفاظ بلقب الدوري للموسم الثاني على التوالي والرابع في تاريخ النادي.
وهل ستقبل إدارة النادي الاستقالة، حتى وإن كان هناك إصرار من رأفت خليفة على تقديمها؟ هذا بحد ذاته يُعد أمرًا خطرًا يجب أن يُحلَّل لاستخلاص العِبَر ضمانًا لاستقرار النادي البطل، فمجالس إدارات الأندية الكبيرة يجب أن تكون مُدركة تمامًا أن مستقبل النادي في استقراره وليس في السماح لمراكز قوى أن تتحكم في كل ما له علاقة بالنادي، ولا سيما الحركيات الرياضية.
أعتقد أن الأمر صحيح شأن داخلي، ولكن شباب رفح ليس ملكًا لنفسه فقط، فهو مِلك للكرة الفلسطينية، وليس من المنطق أن نقف متفرجين على مثل هذه الحالة، فنحن في الإعلام ننظر إلى الفوز بعيدًا عن هوية الفائز باللقب، ما يعنينا استقرار فرق البطولة، لأن استقرارها يصب في صالح الكرة الفلسطينية التي نأمل أن يتجه اهتمام قادتها للدوري الفلسطيني في غزة ولأبطال الدوري الفلسطيني في غزة، لمنحهم حقوقهم في الانضمام للمنتخبات الوطنية وللتمثيل الخارجي.
وأنا أضع اللمسات الأخيرة على هذا المقال، أعلنت إدارة شباب رفح قراراها بتجديد الثقة بالكابتن رأفت خليفة، وهذا أمر أكثر من رائع، على الرغم من أنني لا أتفق في أشياء كثيرة مع الكابتن رأفت، وقد أكون متفقًا أكثر من أي أحد مع المرشح بخلافته، ولكن الأمور بالنسبة لي لا تُقاس بهذا الميزان، فمصلحة الأندية والكرة الفلسطينية هي الفيصل في موقفي المهني.