أكدت تجارب الشعوب في عالمنا المعاصر، تلك التي عمدتها الوقائع الحية في فلسطين المحتلة أن المقاومة وبكل أشكالها هي الطريق الإجباري والوحيد الأقصر لإنجاز التحرر والانعتاق، وهي التي تدحر الاحتلال وتؤسس الركن المكين للدولة الوطنية السيدة المزدهرة، وعلى امتداد هذه الحقيقة الكونية فإنه بات من واجبنا جميعا التحرك وفي كل الميادين استعداداً لمعركة شاملة تستنزف العدو ويشارك فيها كل أبناء شعبنا الفلسطيني الصامد المرابط والصابر، وفي المقدمة فصائله الحية الفاعلة والمقاومة لتعلي راية الكفاح المسلح الذي أثبت نجاعته وفعله في إنهاك العدو وقتل روحه المعنوية وخسارته الماحقة عديداً وعدة وفي فرض نزيف وهجرة مستوطنيه.
وكما يرى الجمع فإن العدو يفتح النار اليوم علينا وفي كل الجبهات، فيطلق عنان سوائب مستوطنيه يقتلون ويقتلعون الأشجار ويحرقون المنازل ويدمرون الممتلكات، ويقيمون بؤرهم الاستيطانية في غير مكان بحماية ودعم مجرمي جيش الاحتلال.
كما أن هذا الكيان الغاصب ينفلت من عقاله ليقوم نازيوه من حرس السجون بالتعذيب والتنكيل بل والبطش بأسرانا وأسيراتنا البواسل، ويُذيقونهم مر العذاب، وهم الذين يقفون اليوم بلحمهم الحي وقد آثروا المواجهة حتى الظفر أو الاستشهاد، وينطلقون كالصواعق من زنازينهم الضيقة المعزولة.
وعلى جبهة أخرى يتابع عدو الإنسانية وآخر احتلال زائل في التاريخ، اعتداءاته على مسجدنا الأقصى المبارك، فيقتحمه ويدنسه كل يوم ويعتدي ويعتقل ويستدعي للتحقيق المرابطين والمرابطات، وقد أعد العدة لإنفاذ التقسيم المكاني والزماني كما يفعل الآن في المسجد الإبراهيمي في أيقونة الانتفاضات خليل الرحمن، وهو يخطط -كما يعلن- على الإشهاد أنه يسعى لتدمير المسجد الأقصى وإقامة "الهيكل الثالث" المزعوم مكانه، بل وتحويله إلى موقع يهودي خالص!
وتستمر حملات العدوان على مدينة القدس وأهلها لتدمير منازلها ومنشآتها لإحداث التغييرات الديموغرافية وسياسة التطهير العرقي. في مواجهة ذلك كله، بات ملحاً من كل أبناء الشعب الفلسطيني وفصائله المسلحة البطلة التحرك العاجل وإعلان تشكيل القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية رغم أنف المتخابرين وإعلاء صوت الانتفاضة العارمة التي تعلنها اليوم برقة وسبسطية وجنين والخليل ونابلس والالتحام كتفا إلى كتف حتى رحيل العدو الغاصب.
كما أن على طلائع الشعب ومجاهديه البواسل لجم طغيان حصان طروادة من المتخابرين خونة دماء شهداء الأبرار وسماسرة ثوابتنا الوطنية المقدسة، أولئك الجِّراء الذين ما زالوا يسلمون المجاهدين للعدو ويعتقلون الرجال وحماية مستوطنيهم ومستوطناتهم والشعب كله يطالب فرسانه المقاومين فرض وقف هذا التقاسم الوظيفي الآسن، وبتر الأيدي التي تمتد للنشطاء من عملاء مقاطعة رام الله المحتلة، ووقف هذا البغي والتخابر، فقد آن أوان وقف الغدر والطعن في الظهر.
والشعب الفلسطيني في كل الوطن والمنافي يثق بمقاومته ويعلم يقينًا أنها ودوماً عند وعدها، وهي تستعد اليوم للجولة القريبة القادمة، فالعدو لا يفهم سوى لغة القوة، وأنه أصبح ضرورة أن يوضع حد لهذه الغطرسة ولهذا الهيجان الدموي، وهو يماطل في تنفيذ تعهداته برفع الحصار عن غزة المجد والصمود، وفي إعادة الإعمار وإنفاذ صفقة تبادل الأسرى، وبشروط المقاومة التي لا حياد عنها.
إننا أمام هدوء حذر وهش تماما، ونحن نرى العدو وهو يمارس سياسته الحمقاء المجرمة والدموية في كل ركن على أرضنا المباركة الطاهرة، وأمام كل ذلك فإن مقاومة الشعب وحصنه المكين تستعد الآن للنزال وقد صرحت الغرفة المشتركة للفصائل بانطلاق فعاليات التدريب المشترك لمناورة الركن الشديد -2- والتي ستستمر لعدة أيام في المواقع المحددة لذلك، ولإنجاز منظومة الأهداف المَنْوِي إنجازها في ميادين القتال الفعلية تحت النار ولتبادل الخبرات وتحقيق الانسجام والتجانس وتوحيد المفاهيم لضرب نحر العدو بكل الجاهزية القتالية والاقتدار.
الفصائل تحزم أمرها بتصعيد تدريجي وتعطي وللمرة الأخيرة فرصة للوسطاء وبطلب منهم وحتى منتصف كانون الثاني القادم، وبعدها لكل حادث حديث، وسيكون فصل الخطاب لـ "سيف القدس"، الذي وعد أنه لن يغمد حتى يُصلي المسلمون -وقد اعتلوا تراب الأقصى الطهور- صلاة الجمعة بعد أن يصدح الأذان في قبلة المؤمنين الأولى أَن ادخلوها آمنين.