في قمة الحلم الفلسطيني بتحقيق السلام مع الإسرائيليين، وفي ذروة العشق الذي تمثل برفع الشباب الفلسطيني غصن الزيتون على مدفع الدبابة الإسرائيلية، في ذلك الزمن من النوايا الفلسطينية الصادقة بفعل كل شيء من أجل مرضاة إسرائيل، وإغرائها بجدية الفلسطينيين في تطبيق بنود الاتفاقيات الموقعة، في تلك الفترة من تشكّل وبناء السلطة الفلسطينية، ألقى إسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت خطابه الأخير في الكنيست، بتاريخ 5 تشرين الأول 1995، وركز فيه على أربعة مبادئ، وهي:
1. نحن الإسرائيليين نتطلع للوصول إلى إقامة دولة إسرائيل كدولة يهودية، يكون 80 في المئة على الأقل من مواطنيها يهودا.
2. أولا، وقبل كل شيء، تكون القدس الموحدة، التي ستضم أيضا معاليه أدوميم، وجفعات زئيف، عاصمة إسرائيل، وبسيادة إسرائيل.
3. الحدود الأمنية للدفاع عن دولة إسرائيل تكون في غور الأردن، بالمعنى الأوسع لهذا المفهوم.
4. بالنسبة لهوية الكيان السياسي الفلسطيني الذي سيقوم في منطقة أرض إسرائيل، في غربي الأردن: "سيكون كيانا أقل من دولة ويدير بشكل مستقل حياة الفلسطينيين الخاضعين له.
من يدقق في بنود إسحق رابين الذي أُطلقت عليه النار، وقُتل لأنه يؤيد السلام مع الفلسطينيين، ولأنه وقع معهم اتفاقية أوسلو، من يدقق في اشتراطات رابين هذه لا يجد فرقاً كبيراً بينها وبين اشتراطات نتنياهو زعيم اليمين الإسرائيلي في هذه الأيام، الذي وضع نفس الشروط، وزاد عليها شرط ضم المستوطنات الإسرائيلية التي لم تكن في زمن إسحق رابين بهذه القوة والكثافة والحضور والتأثير على القرار السياسي الإسرائيلي.
ومن أراد الزيادة في هذا المجال فليدقق في رؤية زعيم حزب المعارضة الحالي، زعيم حزب العمل، إسحق هرتسوغ للسلام، والذي يراه سلاماً انتقالياً مع الفلسطينيين، يقوم على الشروط نفسها التي طرحها زعيمه إسحق رابين قبل أكثر من عشرين سنة.
رجوعي لتصريحات إسحق رابين يهدف إلى تذكير العرب والفلسطينيين بأن لا نية ولا مصداقية لإسرائيل؛ حكومةً وشعباً في تقديم دولة كاملة السيادة للشعب الفلسطيني، ولا حتى دولة منقوصة السيادة، ولا إمكانية لتحقيق دولة فلسطينية، أو تحرير الأرض المحتلة من خلال المفاوضات والأمنيات والانتظار المتسول في هيئة الأمم.
فتشوا عن خيارات أخرى، وطرق جديدة، ووسائل أكثر نجاعة لتحرير الأرض والإنسان.