أصدر مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة «بتسيلم» تقريرا يظهر أن جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعمدون إطلاق الرصاص الحي صوب الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة بشكل «اعتيادي»، وذلك دون أن يشكل من يتم استهدافهم من الفلسطينيين أي خطر على قوات الاحتلال، ودون أن تكون هناك أي أحداث أو مواجهات تستدعي إطلاق النار.
وأتى نشر التقرير الحقوقي -الذي يعتمد على إفادات شهود عيان وأفراد عائلات بعض من قتلوا برصاص جنود الاحتلال- عقب إصدار جيش الاحتلال تعليمات جديدة للجنود تسهل لهم عملية فتح النار والضغط على الزناد صوب الفلسطينيين ممن يقومون بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة.
وتمكّن التعليمات الجديدة الجنود من إطلاق النار الحي أيضا حتى بعد انتهاء الأحداث وأثناء انسحاب الشبان من مكان المواجهات، حيث تنص التعليمات التي عممت كوثيقة مكتوبة على قوات الاحتلال على «وجوب إطلاق النار في منطقة القتال» وصدّق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على التعديلات في تعليمات إطلاق النار، وذلك بذريعة تصاعد العمليات المسلحة وتصاعد التوتر في الضفة الغربية.
وفي ذات السياق يقف جنود الاحتلال وطواقم الإسعاف الصهيوني موقف المتفرج أمام المصابين الفلسطينيين وتركهم لحين تصعد أرواحهم للسماء شهداء. وتؤكد الكثير من الحوادث أن ضباط الإسعاف الإسرائيليين منعوا عن علاج كثير من المصابين الفلسطينيين برصاص جيش الاحتلال، بالإضافة لمنع جنود الاحتلال طواقم الإسعاف الفلسطيني من تقديم العلاج للمصابين، وهو ما تداولنه وسائل الإعلام الإسرائيلي والفلسطيني ونشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي معززا بفيديوهات وصور تؤكده.
هناك العشرات من حالات تعرض الفلسطينيين للاعتداءات استشهدوا بعد إصابتهم لعدم تقديم الإسعاف لهم وتركهم ينزفون حتى الموت، إن غريزة القتل هي السمة الظاهرة للإسرائيليين ضمن نظرية ومفهوم فرويد: القوة تعادل العنف، وأن الإنسان مفطور على تحقيق رغباته بالعنف لولا وجود كوابح يتعلمها من محيطه الأسري في مرحلة الطفولة. وأن الإنسان القوي يفرض رأيه على ما دونه ويحول رأيه لقانون لابد أن يطاع ومن يخل بالقانون يعاقب بعنف.
لم يدرك الإسرائيليين بعد أن غريزة البقاء عند الإنسان أقوى من غريزة حب السلطة؛ وهذه الغريزة تبحث عن حاجات البقاء البسيطة الممثلة بالمشرب والمأكل والملبس والمسكن والشعور بالأمان وحاجته للتكاثر، كما وضعها ماسلو في قاعدة هرم حاجات الإنسان وصنفها أنها أساسية لكل بني آدم مهما اختلفت مراتبهم الثقافية والعرقية. وأن عنف الإنسان ليس فطريا بل هي حاجة اضطرارية هدفها إعادة حاجاته الأساسية؛ ولم تسير الجيوش إلا بإقناع الجنود أن حاجاتهم الأساسية بخطر ولابد الدفاع عنها.
ووفق كل النظريات للدفاع عن النفس تقول إن آلية قتال الثوار لا تعتمد على قوتهم المادية بمقدار رفض إرادتهم الروحية الانصياع لقوة العدوان عليهم، وهي قوة تلغي قانون القوة العنفية وتضع قانون الحق الدفاعي لرد العدوان وإعادة الحقوق المشروعة المنزوعة.
وفي نفي تام أن القوي يسعى لتدمير نفسه من أجل السيطرة وبسط النفوذ، نرى أن الخصم الضعيف يقدم تضحيات كبيرة ومستعد للفناء حفاظا على حريته في امتلاك حاجاته الأساسية؛ وهذا يظهر جليا بدراسة تاريخ الاستعمار في القرن السابع عشر والثامن عشر حيث قدمت الشعوب الضعيفة أكثر من مائتين مليون ضحية رفضا للاحتلال الأوروبي للبلدان البدائية؛ ومن زاوية ثانية فإن سيطرة الدول الاستعمارية على البلدان البدائية لم تمنعها من حروب الكبار بين بعضها البعض وهو دليل آخر أن نزعة العدوان التوسعية لا تقف عند حدود فرض قانون القوة على ضعفاء بل يتعداه لترسيخ السيطرة المطلقة على البشرية ضمن مفهوم ضمان الأمن القومي للأجيال القادمة.
لم تعد حكومة الكيان الإسرائيلي لتدرك أن قانون القوي تدميري لكل البشرية وأن العدل الحقيقي لا يؤمن إلا بالمساواة بين القوي والضعيف وحرية كل البشر بامتلاكهم الحاجات الأساسية للحياة وعلى رأسها مسكن آمن يسمى وطن حر عند ثوار العالم؛ وفي ثورتنا نسميه فلسطين مستقلة حرة.