فلسطين أون لاين

المعلمة أبو زيتون.. شغفٌ بالتعليم أوصلها للقب "معلم فلسطين 2021"

...
المعلمة "أبو زيتون"
طولكرم-غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

لم يكُن طريق التميز بالسهل أمام المعلمة نبأ خندقجي "أبو زيتون" في ظل الصعوبات التي يختص بها الوضع الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي خاصة بالضفة الغربية، وغياب الدعم المادي الرسمي للمبادرات التعليمية وتطوير المعلمين الذين لا يتلقون رواتبهم كاملة منذ سنوات، لكن شغفها بـ"التعليم" كان دافعها الأقوى لتحطيم كل تلك الصعوبات ما أهلَها للحصول على لقب "معلم فلسطين لعام 2021".

منذ الطفولة

فكانت بداية "شغفها بالتعليم" من قرية "باقة الشرقية"، إذ فتحت "أبو زيتون" (43 عامًا) عينيها على الدنيا لتجد أن شقيقها وشقيقتها الأكبر منها أول مدرسيْن في القرية، فآمنت بأهمية رسالة التعليم منذ الصغر.

ورغم أن والدتها لم تكمل تعليمها ووالدها درس حتى الصف الرابع الابتدائي فقط، فإنهما كانا داعميْن لتعليم أبنائهما بشكل أكبر، " وما زاد حبي للتعليم هو معايشتي في سن صغيرة (10 سنوات) لانتفاضة الحجارة وكيف أن الاحتلال كان يمنعنا من الالتحاق بالمدرسة، فأيقنتُ أنه يريد حرماننا من "نور العقول"".

بعد الزواج انتقلت أبو زيتون لقرية "دير الغصون" إذ أتمت الدراسة الثانوية والتحقت بجامعة القدس المفتوحة تخصص إدارة صف، ثم عملت في القطاع الخاص عدة سنوات لتلتحق بالتعليم الحكومي في عام 2014م، وتعمل حاليًّا كمدرسة رياضيات للصف الأول الأساسي في مدرسة دير الغصون الأساسية للبنين.

أم وأبناؤها

تتعامل أبو زيتون في الصف كأم مع أبنائها "لا أفرقهم أبدًا عن أبنائي الخمسة، معتمدة على خبرتي الشخصية مع أولادي وعملي الخاص السابق، ما كوَّن لدي خبرة في إدارة الصف ودراية بطرق تفكير الطلاب وانفعالاتهم العاطفية حتى أن أول حصة تعليمية حضرها لي مشرفي في الحكومة تفاجأ من أدائي ولم يصدق أنني موظفة جديدة".

وقطعت أبو زيتون عهدًا على نفسها بأنْ تكون كل سنة دراسية مختلفة عما قبلها، "فلم أترك أداة أو وسيلة تعليم جديدة إلا وبحثت عنها وطورتها بما يتلاءم مع واقع التعليم الفلسطيني".

وعبر تلمس مشكلات الطلبة في الفهم، تقوم أبو زيتون بمبادرات تعليمية، "فقد وجدتُ مشكلة في فهم الطلاب لجدول الضرب، فأنشأت مبادرة "الرياضيات لعبتي" لنقل الضرب من واقعه المجرد للتعليم التفاعلي بما يساعد الطلاب على إتقانه".

ولحل مشكلات فهم قواعد اللغة العربية أنشأت أبو زيتون قناة تعليمية سمتها "نون" وهي عبارة عن كتاب يحمل إرشادات للمعلمين وتمارين للطلبة معروضة بطريقة جاذبة ومنقح من قبل وزارة التربية والتعليم ويُطبق في عدة مدارس بالضفة وغزة.

وتبين أبو زيتون أن صفحتها عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وقناتها على "اليوتيوب" أصبحتا مرجعًا لكل المعلمين، فهي تنشر من خلالهما أوراق عمل وتحضير للدروس وفيديوهات تعليمية، بشكل مجاني تُساعد على تطوير الأساليب التعليمية.

في حين تقوم مبادرتها الأخيرة التي تحمل اسم "الرياضيات العالمية" -من خلال فريق فلسطيني وعربي وتركي- وأطلقتها من مدينة القدس المحتلة على تحويل الأماكن الثقافية والتاريخية في فلسطين لمادة علمية تساعد في فهم الرياضيات.

شعارات.. وتطبيق

وترفع أبو زيتون ثلاثة شعارات في عملها التدريسي، الأول "بالحب نتعلم" يقوم على تحسس مشاكل الطلبة وانفعالاتهم العاطفية يوميًا، والتأكد من أنهم بخير قبل البدء في التدريس.

في حين يتمثل الشعار الثاني "مدرسة بلا أسوار" بالسعي لأن تكون المدرسة منفتحة على العالم الخارجي، لإيمانها بأن كل المؤسسات المجتمعية هي شريكة للمعلم في صنع الطالب، مبينة ضرورة هدم "السور النفسي" بين المدرسة والمجتمع، وأنْ يكون هناك تواصل روحي ونفسي بين الطالب وبيئته.

أما الشعار الثالث فهو "أنا أستطيع.. ولديَّ متسع من الوقت" من خلال البث في نفوس الطلبة بأنهم جميعًا "أوائل" لأن كل واحد منهم لديه بصمة تختلف عن غيره، وأن لا أحد يُقارن بالآخر، وكل واحدٍ له طريقته الخاصة في فهم الأمور وأن الجميع قادر على الوصول لما يطمح له.

يُضاف لذلك تقديمها لبرامج تعليمية في "فضائية فلسطين التعليمية"، "أسهر الليل حتى أكتب سيناريوهات للحلقات التعليمية واستضافة الضيوف من المعلمين والطلاب، وتجهيز عروض مميزة للدروس"، وفق أبو زيتون.

كل ذلك أهَّل أبو زيتون للفوز بلقب "معلم فلسطين لعام 2021م" في المسابقة التي تنظمها وزارة التربية والتعليم للمعلمين من الضفة وقطاع غزة، "وهذا جعلني أصمم على أنه لا عودة للخلف وأنه لا بد من الانتقال لحصد جوائز عالمية".