توثيقٌ تاريخيٌّ غير مسبوق "للزخارف الفسيفسائية المزيِنة للمسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة"، ضمته دفتا كتابٍ صدر مؤخرًا، وثق مساحة تزيد على 1625 مترًا مربعًا من الزخارف تُزين جنبات مسجد قبة الصخرة المشرفة والمسجد القبلي.
مشروع الإعمار الأكبر
فالكتاب الذي يحمل عنوان "توثيق وترميم الزخارف الفسيفسائية في المسجد الأقصى المبارك" يوثق حيثيات ونتائج "مشروع ترميم الزخارف الفسيفسائية" كأهم مشاريع الإعمار الهاشمي في المسجد الأقصى في السنوات العشرة الأخيرة، وبدعم مباشر من صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الملك الأردني عبد الله الثاني، وفق خبير ترميم تراث حضاري/ المواد الحجرية والزخارف الفسيفسائية د. محمد أبو عيشة.
والكتاب الذي صدر في نوفمبر الماضي ألفه أبو عيشة وكل من المدير التنفيذي للصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة ومدير شؤون القدس في الديوان الملكي الهاشمي الدكتور وصفي الكيلاني، ومسؤول ملف القدس في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية الـمهندس عبد الله العبادي.
ويوضح د. أبو عيشة لـ"فلسطين" أن الكتاب يحتوي على فهرسيْ: ملحق التوثيق الفوتوغرافي للزخارف الفسيفسائية في المسجد الأقصى، وملحق التوثيق الخطي (أوتوكاد) لبيان أشكال التلف في الزخارف.
ويشير إلى أنه لأول مرة في تاريخ المسجد الأقصى يتم إنجاز التوثيق الخطي لجميع الزخارف الفسيفسائية فيه، بالشكل العلمي الصحيح وبأيادٍ أردنية ومقدسية ماهرة.
التطور التاريخي للإعمار
والفصول الرئيسة للكتاب ثلاثة -وفقًا لأبو عيشة- الأول منها يتحدث عن التعريف بالمسجد الأقصى (موقع، تاريخ بناء ومراحل إعمار تاريخية)؛ أما الثاني فيتحدث عن الوصاية والإعمارات الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف بين عاميْ (1917-2019) ومركزية القدس في مشروع الخلافة الإسلامية الهاشمية ودفاع الهاشميين عن المقدسات، ودور المؤسسات الأردنية المختصة في ذلك.
أما الفصل الثالث فيُعد الرئيس في الكتاب، ويُنبه د.أبو عيشة إلى أنه يتحدث عن مشروع المبادرة الملكية السامية لترميم الزخارف الفسيفسائية في المسجد الأقصى المبارك من خلال قسميْن: الأول يتحدث عن التطور التاريخي لفن الفسيفساء، في الفترة الإسلامية، والمواد المستخدمة لإنجازه، والزخارف الفسيفسائية وأماكن وجودها في المسجد الأقصى المبارك، وتقنية إنجاز الفسيفساء الجداري فيه، ودراسة رسومات الزخارف الفسيفسائية، وأشكال التلف التي تعانيها فسيفساء المسجد الأقصى.
وأما القسم الثاني من الفصل الثالث فيتحدث عن عمليات التوثيق والترميم المنجزة على الزخارف الفسيفسائية، والتي تشمل عملية التوثيق الفوتوغرافي والخطي، وأخذ العينات والدراسة التحليلية "الأركيومترية" للمواد المكونة للزخارف الفسيفسائية، يوضح د.أبو عيشة.
ويتناول أيضًا هذا القسم عملية التنظيف الجاف، وتدعيم الطبقة الزجاجية الحافظة للورقة المعدنية (الذهبية والفضية)، والتدعيم الداخلي، ومعالجة الفجوات والتنظيف الكيميائي للأسطح الخارجية للفسيفساء.
ويشير إلى أن الكتاب يشرح كيفية تنظيف "صخرة المعراج" داخل مسجد قبة الصخرة برعاية أردنية، مشيرًا إلى أنه لم يتم تنظيفها بالشكل المناسب منذ الفترة الأيوبية، عندما قام صلاح الدين الأيوبي بتحرير بيت المقدس من الفرنجة ونظفها وطهرها باستخدام ماء الورد، "ومشروع التنظيف المدعوم أردنيًا شارك فيه 13 شابًا مقدسيًا، و4 فنيين مقدسيين من لجنة الإعمار و12 طالبًا جامعيًا إيطاليًا في مجال الترميم".
ومن الجدير ذكره، أن الكتاب يحتوي على ما يزيد على 190 صورة ملونة؛ و84 لوحة تضم رسومات خطية للزخارف الفسيفسائية في المسجد الأقصى المبارك.