كتب/ خالد أبو زاهر:
هل مجرد رفع علم فلسطين في سماء الملاعب العربية يستحق منا كل هذه الضجة الإعلامية والتعبير الهستيري عن الفرحة الفلسطينية، وكل هذه الإشادة بكل من رفع العلم وتوشح بالكوفية الفلسطينية؟
هذا سؤال يُمكن أن يُسأل بطريقتين؛ الأولى من باب الاستفسار، والثانية من باب التعبير عن حالة الاستغراب من حجم وقيمة رفع العلم، وحجم وقيمة الشكر الذي يجب أن يتم توجيهه لأصحاب الأيادي والقلوب النظيفة التي ترفع وتضم العلم الفلسطيني.
فلم تكد تمر أيام على فرحتنا الكبيرة بما فعله لاعبو المنتخبين الجزائري والتونسي خلال مبارياتهما في بطولة كأس العرب التي نظمتها دولة قطر بامتياز، حتى ضاعفت مصر العروبة هذه الفرحة وجعلتها تفوق أفراحا كثيرة.
محظوظة هي فلسطين بهذا الدفء العربي في فصل شتاء قارس، فعندما يُرفع علمها بأيادٍ طاهرة وبيضاء تُعبر عن الحب العربي لفلسطين، فهذا يُثير لدينا نحن الفلسطينيين مشاعر الحب لمن عبروا عن حبهم لنا.
محظوظة هي فلسطين أن يأتي رفع علمها من أبناء شعوب دولٍ لها ثقلها ووزنها وتاريخها الحافل بالمواقف الوطنية تجاه قضية فلسطين، ووقفت ولا تزال تقف وتعرضت وما زالت تتعرض لضغوط من أجل التخلي عن واجبها العربي لكونها الدولة العربية الأم شكلاً ومضموناً.
فبعد التعبير عن الفرحة بالمواقف الجزائرية والتونسية والمغربية أيضاً، في ظل حاجتنا للفرحة والإحساس بالدعم العربي لقضيتنا، جاء الرد الفلسطيني بهذا الجميل وهذا الحب وهذا الدعم بطريقة عدها البعض مبالغًا فيها، ولكن من عاش تحت الاحتلال وذاق القهر يوماً وذاق ويلات الطمس والتذويب، سيتأكد تماماً أن الرد الفلسطيني على لفتة رفع العلم، هي ردة فعل صادقة ونابعة من قلب مجروح يطلب العلاج من الأشقاء العرب، ويشعر بقيمة وقوفهم إلى جانبنا.
إن ما حدث أول من أمس في ملعب مباراة كأس السوبر الإفريقي في قطر من رفع لاعبي النادي الأهلي المصري علم فلسطين لحظة إطلاق الحكم صافرة نهاية المباراة بإعلان فوز الأهلي باللقب الثامن على مستوى هذه البطولة، لهو أمر مثير للفرحة والعاطفة الجياشة.
وقبل التعبير عن حجم الفرحة الفلسطينية برفع العلم، فقد فرحت فلسطين كثيراً بفوز منتخب مصر بكل ما فاز به من ألقاب قارية على مدار عقود طويلة في أيام لم يُرفع فيها علم فلسطين، حتى أن الأغلبية كانت تعد منتخب مصر هو منتخب فلسطين، في وقت لم يكن لدينا منتخب بسبب الاحتلال.
كما فرحت فلسطين كثيراً وما زالت وستستمر بفوز الأهلي والزمالك بالبطولات المحلية والعربية والقارية، كيف لا والمجتمع الفلسطيني متابع جيد ومن قرب للرياضة المصرية، ومنقسم في تشجيع الأهلي والزمالك.
هذا الأمر ليس غريباً، والفرحة الفلسطينية بما قام به كل لاعب من الأهلي، الذين يُمثلون كل مصر، أيضاً ليست غريبة، ولكنها فرحة غالية لبلد غالٍ على قلب كل فلسطيني، كيف لا ومصر التي خاضت حروباً من أجل فلسطين؟ كيف لا ومصر التي قدمت الشهداء والجرحى والأسرى من أجل فلسطين؟ كيف لا ومصر التي احتضنت وشكلت ودعمت جيش التحرير الفلسطيني على أرضها وتحت شمسها؟
الدولة المصرية التي فعلت كل هذا من أجل فلسطين على مدار عقود مضت والتي احتضنت الشعب الفلسطيني دون أي محاولة لتذويبه في مجتمعها حفاظاً منها على أرض واسم فلسطين، دولة كُبرى تستحق أن يفرح الشعب بها ولها، هذه الدولة وشعبها العظيم جديران بأن نتغنى بمواقفهما، خاصة ونحن نمر في أخطر مراحل قضيتنا الفلسطينية التي يُحاول البعض طمسها وتغطية شمسها.