بعد 15 يوماً على آخر مباراة لمنتخب فلسطين في بطولة كأس العرب، وما ترتب على نتائج "الفدائي فيها من مُطالبة الشارع الرياضي بإحداث تغيير من خلال إطلاق هاشتاق (#إرحل يا جبريل)، كونه المسؤول الأول والأخير عن كل ما يتعلق بالرياضة الفلسطينية عامة وكرة القدم على وجه الخصوص، أعلن اتحاد كرة القدم عن تشكيل لجنة أطلق عليها "لجنة تقييم الحالة الفنية العامة بالاتحاد ووضع آليات لتطوير أركان اللعبة".
ومع الإعلان عن تشكيل اللجنة تباينت ردود الفعل بين متشائم ومتفائل، وكل فئة لها ما يجعلها تتفاءل وتتشاءم قياساً مع التجارب السابقة، لا سيما وأنها المرة السادسة التي يتم خلالها تشكيل لجنة تقييم لحالة أو تحقيق في أزمة.
وقبل الخوض في التحليل العام، لا بُد من التحليل الخاص، لا سيما في طريقة وأسلوب وتوقيت الإعلان عن اللجنة من قِبَل اتحاد كرة القدم، حيث أن التفاصيل لها مدلولات على الجدية من عدمها.
فمن حيث التوقيت، فإن مرور 15 يوماً على انتهاء المشاركة الفلسطينية في بطولة كأس العرب، فإن الفترة الفاصلة بين الانتهاء والإعلان لا تعتبر قصيرة لا سيما وأنه لم يسبقها بيان مباشر بعد انتهاء المشاركة للاعتذار أولاً للجماهير عن الخروج حتى وإن كان هذا الخروج طبيعياً ومنطقياً ومن ثم التأكيد على دراسة الحالة للخروج بالقرارات المناسبة وهذا لم يحدث، ولكنها ليست بالفترة الطويلة التي تجعلنا نتأكد من أن الأمر لا يعني الاتحاد.
أما من حيث صياغة الإعلان، فإن ورود بعض المصطلحات والمفردات في الإعلان تُعطي انطباعاً بأن الأمر لا يدعو للقلق الكبير، لا سيما وأن الاتحاد استخدم في الصياغة اعترافاً واضحاً متعلق بالمستوى الفني عندما قال "إن تشكيل هذه اللجنة يأتي في ظل النتائج المتواضعة التي حققتها المنتخبات الوطنية مؤخراً"، وهذا بحد ذاته يُسهل علينا التعاطي مع هذا الإعلان من الناحية النقدية.
كما وتضمن الإعلان اعترافاً واضحاً بضعف إنتاج الاتحاد للكادر الفني، وهو مربط الفرس فيما يتعلق بالنتائج، كما وانه مربط الفرس فيما يتعلق بالأسباب التي أدت إلى النتائج المتواضعة.
كما وأن اتحاد كرة القدم أعلن أن اللجنة سترفع توصياتها للمكتب التنفيذي للاتحاد، وهذا أمر طبيعي، ولكن الاتحاد لم يُحدد الكثير من الأمور المهمة في مثل هذه الحالات، وأهمها عدم تحديد سقف زمني لعمل اللجنة، وعدم الإعلان عن صلاحيات اللجنة، وعدم الإعلان عن إلزامية توصيات اللجنة، لا سيما وأنه وصفها بلجنة تقييم وليس لجنة تحقيق، إلى جانب أن التوصيات عادة ما تكون غير مُلزمة للاتحاد، على غرار عدم إلزامه بتوصيات لجنة الانضباط مثلاً، على عكس إلزامه بقرارات لجنة الاستئناف مثلاً.
وبكل تأكيد لا بُد لنا في الإعلام وبعد تجارب مريرة مع أسلوب قيادة الرياضة الفلسطينية عامة وكرة القدم خاصة على مدار 13 عاماً من تولي الفريق جبريل الرجوب لسدة الحُكم الرياضي في فلسطين، أن نعتبر هذه اللجنة بمثابة المحاولة الأخيرة التي يجب ان نمنحها البيئة الإيجابية والوقت المنطقي انتظاراً لصدور توصياتها، قبل إصدار تعليقنا وموقفنا النهائي، رغم قناعتي أن ليس باللجان وحدها يتغير الواقع.
وكما يُقال "فات الكثير ولم يتبقَ إلا القليل"، فقد صبرنا كشارع رياضي وإعلام رياضي 13 سنة بين السكون الإيجابي والصبر والنقد البناء دون تحقيق الحد الأدنى من عملية التطوير للرياضة بشكل عام وكرة القدم وكوادرها بشكل خاص، وهو ما يجعل من شريحة المتشائمين تتقدم على شريحة المتفائلين، لا سيما وأن عقلية رئيس الاتحاد عقلية دكتاتورية ومتفردة.
فهل سيُغير الرجوب من أسلوبه ؟، وهل هو جاد في استخلاص العبر ؟، هذا ما ستكشف عنه نتائج وتقرير لجنة التقييم وتعاطي الاتحاد ورئيسه معها، ونأمل أن تنطلق اللجنة من قاعدة مهنية وعلمية من أجل توصيات قابلة للتنفيذ، وليست توصيات خادعة تنتهي بتقديم كبش فداء قد لا يكون له علاقة بالأزمة مثلما حدث مع لجنة تقييم "الكارت الأحمر" في الفيفا عام 2015.