فلسطين أون لاين

في يومهم الوطني

تقرير جدفوا إلى المستقبل واصنعوا طريقكم.. رسائل المعلمين لطلبتهم

...
غزة/ هدى الدلو:

بفارق زمني قصير انتقلت هداية حسنين إلى صفوف الهيئات التدريسية، تحتفي بيوم المعلم الفلسطيني ويحتفي الطلبة بها.

تعبر حسنين (23 عامًا) عن امتنانها لأي معلم آمن يومًا أنه مربٍّ ولم يكن مجرد ناقل للعلم، تبرق برسائل الشكر لدكتورها الجامعي ومعلماتها في مختلف المراحل الدراسية اللواتي زرعن فيها شيئًا من العلم وقيمة لذاتها وآمنَّ بقدرتها.

وتؤمن حسنين أن بريادية المعلم كمربٍّ يحمل قيمة المهنة التي يقف على رأسها قبل أن يكون ناقلًا للعلم.

تقول: "شكرًا لكل من آمن أنه معلم ولم يتخذها فقط مجرد مهنة، فأنا اليوم أحاول أن أطبق بعضًا من ذلك، لكوني أعمل مدرسة وأتشارك مع طالباتي في الجامعة شيئًا من العلم والتجربة، وبعضًا من الصداقة والمحبة التي تعلمتها من بعض مدرسيَّ".

وتشير حسنين إلى أنه بعد أربعة أشهر من تجربتها لمهنة المعلم والتدريس اكتشفت جمال المهنة ومتعة المشاركة أكثر من كونها مجرد علم، تشعر بجمال تواصل الطالبات معها وتهنئتها في مناسباتها الخاصة. 

وثمة ذكريات ومواقف محفورة في ذاكرتها، فمديرة المدرسة الثانوية آمنت بقدرتها وأخبرتها بأنها ستكون شيئًا ما، وشجعتها في دراستها الجامعية، "حتى الآن أزورها في مدرستها"، مشيرة إلى أن معلمتها في الابتدائية أخبرتها يومًا أمام زميلاتها بأنها ستكون مذيعة يومًا ما، "تلك المشاهد اللطيفة تؤثر في النفس".

وتحمل حسنين نصيحة دكتورها في الجامعة الذي دائمًا ما ينصح الطلبة بأن يصنعوا تعليمًا ممتعًا.

ويحمل يوم المعلم الفلسطيني الذي يوافق 14 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، رمزية وطنية ترتبط جذورها بمحطة نضالية انطلقت عام 1972، عندما تعرض عشرات المعلمين للقمع والتنكيل على أيدي سلطات الاحتلال، لدورهم الوطني المتمثل بحماية العملية التعليمية من تدخل المحتل.

وتوجز الطالبة آلاء أبو السعيد رسالتها لكل المعلمين الذين تعلمت على أيديهم في مختلف المراحل الدراسية: "كل التقدير والاحترام لصناع الأجيال، فهم من خرجوا الطبيب والمهندس والمحامي فلهم منا كل الثناء والشكر".

لا تتوقفوا

وفي يومها توجه المعلمة أنعام البطريخي رسالة إلى طالباتها بأن يجدفن باتجاه المستقبل، ويرسمن بريشتهن كل ما يجعلهن قويات أمام تحديات المستقبل، "واسعين إلى إكمال تعليمكن، فلا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون".

والبطريخي في سلك التعليم منذ 17 عامًا، وتحث طالباتها على الانتماء إلى المدرسة التي يتلقَيْن العلم فيها، "فهي بمنزلة البيت الثاني، وقدّرن معلماتكن كما تحترمن وتوقرن والديكم".

وتستذكر موقفًا طريفًا حصل معها عندما أحضرت لها إحدى طالباتها هدية وبطبعها ترفض قبول الهدايا، ولكن بعد إلحاح لدرجة البكاء قبلتها، "ولكن بشرط أن تردها لها وهي متخرجة من الثانوية بتفوق فوعدتني بذلك، لتطلب مني الطالبة بعد ذلك طلبًا آخر، وإذا بها تحتضني".

تقول البطريخي إن هذا السلوك من الطالبة لم يكن ليحدث لولا شعورها ببدء العلاقة بين المعلم وطالبه، بمعنى أن تبنى على الاحترام المتبادل.

الهدف مرآة

أما ليلى محمود جاد الله، مدرسة اللغة العربية الثانوية، فتقول: "رسالتي إليك طالب العلم اتخذ من هدفك مرآة تحتضن ابتسامتك كل يوم، وتذكر أن الصعاب ما هي إلا طحالب وضعت لتعيق أمواج عزيمتك، واجعل النجاح حليفك في كل خطوة تخطوها نحو العلا، باختصار عزيزي كن كما يجب أن تكون".

ورغم ما يقرأه الطلبة في شخصيات المعلمين من جمود وخوف، إلا أنه يفرحهم الاهتمام بهم والاحتفال، فحتى هذا اليوم تستذكر احتفال طالباتها بالصف الرابع لعام 2010 في حفلة توديع لها، وكانت مفاجأة جميلة بالنسبة لها.

تضيف جاد الله: "عندما ترين نتاج جهدك وتحملك وعطائك وحبك يقابل بكل هذا الحب لا شيء يصف هذا الشعور حقيقة إلا دموع الفرحة التي تعتز بمثل هؤلاء الطالبات، واللواتي لم ينقطعن من التواصل معي، فأشكرهن من كل قلبي على هذه اللحظة التي لم ولن أنساها ما حييت".

نبيل أحمد مسمح معلم اللغة الإنجليزية مديرية شرق خان يونس، يعمل في هذا المجال منذ 13 عامًا، يستذكر موقفًا مع أحد طلابه يوم صدرت نتائج امتحانات، وإذ بطالب معدله في مادة اللغة الإنجليزية ممتاز دون باقي المواد، فسأله بعض الزملاء عن كيف يحدث ذلك؟ فاضطر إلى مراجعة الملفات والكشوفات، وكان بالفعل متفوقًا في الإنجليزية، وبعد مرور سنوات قابلني صدفة وأخبرني أنه اختار دراسة اللغة الإنجليزية في الجامعة ومعدله امتياز.

وينصح طلبته: "من جد وجد ومن زرع حصد، تابعوا معلميكم عبر الصفوف الافتراضية، وضعوا الأمانة العملية أمام أعينكم، وإياكم والغش أو السماح لأحد بتقديم الاختبار عنكم، فمن غشنا فليس منا".

شرف الرسالة

زياد مقداد دكتور جامعي، يوجه رسالة في يوم المعلم الفلسطيني: "أيها المعلمون العظماء أحاول أن أبحث عن كلمات توفيكم حقكم أو تعبر عن جهدكم وشرف رسالتكم، ولكن مهما انتقيت من العبارات فلا أظن أن الكلمات ستسعفني لتقدير رسالتكم والجهد الذي تبذلونه في تعليم الأجيال والنهوض بها".

ويضيف: "كيف لا والناس يلقون إليكم بفلذات أكبادهم بكل ثقة وطمأنينة لتقوموا بتعليمهم وتربيتهم بكل تفانٍ وإخلاص، وتحمل وصبر، وبلا جزع أو سخط تعلمون الجاهل وترشدون التائه والحائر، وتردون الشارد إلى جادة الصواب، فإذا كان الأطباء يطببون أجساد المرضى، فأنتم تطببون جهل الجهال وتربونهم على فضائل القيم والأخلاق، وترشدونهم إلى الخير في دنياهم وأخراهم، فأنتم صناع الرجال الذي يمسكون بإدارة المستقبل البلاد ويكونون مسؤولين عن مصير العباد".