لم تكن عملية الأسير يوسف المبحوح البطولية، الذي طعن ضابطا إسرائيليا في إدارة سجون الاحتلال بسجن "نفحة" الصحراوي أولى العمليات التي ينفذها الأسرى ضد سجانيهم، بل سبقها العديد من العمليات لرد ظلم السجان والانتهاكات الممارسة ضدهم.
ورغم تجنب الأسرى أي استخدام للقوة المباشرة لمواجهة السجان الإسرائيلي، إلا أن وقوع انتهاكات قاهرة وقاسية بحقهم تدفعهم للرد عليها بمواجهة خطيرة، باستخدام أي وسائل يبتدعونها من داخل سجونهم، دفاعا عن كرامتهم.
وتشهد سجون الاحتلال حالة من الغضب والتوتر الشديد على خلفية هجمة منظمة من القمع والتنكيل تشنها إدارة السجون ضد الأسيرات، وسط حالة من الاستنفار بين صفوف الأسرى وإغلاق للأقسام في السجون، وامتناعهم من الخروج من الغرف للفحص الأمني، مع تحذيرهم من الجنوح لإجراءات تصعيدية أخرى.
سياسات عنصرية
القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الأسير المحرر خضر عدنان، أوضح أن الأسرى لا يفضلون اللجوء لاستخدام القوة المباشرة لمواجهة السجان، وأنه لا يُفضل اللجوء لذلك إلا في لحظات قليلة وحساسة للغاية وفي ظروف قاسية وقاهرة يرغب فيها الأسير في ردع السجان عن غيّه.
واعتبر عدنان في حديث لصحيفة "فلسطين" استهداف السجان الإسرائيلي الأسيرات في السجون أمرا خطيرا، وهو ما دفع الأسير المبحوح للاحتجاج بطريقته على مثل هذه السياسات العنصرية ضدهن.
وأوضح أنه على مدار السنوات الماضية شهدت السجون حالات رد وعمليات مماثلة لما فعله الأسير المبحوح، ومنها ما قام به الأسير المحرر عبد الكريم أبو زر عندما ضرب أحد السجانين في سجن "جلبوع"، وكذلك الأسير إسلام الوشاحي الذي ضرب السجان بمقلاة في وجهه، والأسير نضال زلوم الذي ضرب أحد السجانين بمخرز صنعه من أدوات بسيطة، منوها إلى أن جميع الإصابات التي تحصل للجنود والضباط تكون ما بين متوسطة وطفيفة.
وبين أن الأسرى من خلال هذه العمليات الفدائية يريدون إيصال رسالة أن الأسير لا يُعدم الوسيلة في مواجهة السجان وردعه، وأنه لن يسمح بسحق عظامه هو وإخوانه الأسرى والأسيرات دون أي حراك.
ونبه إلى أن رد فعل السجان الإسرائيلي بعد كل عملية فدائية ينفذها الأسير يكون بالقمع من خلال الضرب والاعتداء والتنكيل وعزل منفذ العملية ومحاولة التحقيق إذا كان العمل فرديا أو مدفوعا من تنظيم، عدا عن عزل أسرى.
وبالإضافة إلى كل ما سبق، تعتدي قوات القمع على الأسرى بالهراوات والعصي والصعق الكهرباء والفلفل الحار، وتعريتهم، والمياه الباردة، وقد استشهد بعض الأسرى ممن نفذوا عمليات داخل السجن كالأسير المقدسي القسامي عزيز عويسات، وفق عدنان.
وأشار إلى أن الأسير عويسات رشق السجان الإسرائيلي في سجن "إيشل" ببئر السبع بالمياه الساخنة، ليؤخذ بالقوة من بين الأسرى ويضرب بشكل جماعي من قوات القمع، حتى استشهاده، لافتا إلى أنه تم إعلان وفاته بعد عدة أيام، ولا يزال جثمانه محتجزا عند الاحتلال.
وأكد عدنان أن الأسرى لن يتوقفوا عن تنفيذ العمليات الفدائية داخل السجون، وأنه كلما حاول الاحتلال تناسي هذه العمليات يخرج لهم الأسرى من بين كل آلامهم لتجديد أدوات الردع عند الحركة الأسيرة، للتأكيد أنهم لن يفنوا أو يتراجعوا أمام ضربات السجان وممارساته الظالمة ضدهم.
دفاع عن النفس
واعتبر المتحدث باسم وزارة الأسرى والمحررين إسلام عبده، عمليات الأسرى ردا طبيعيا على ما تمارسه إدارة سجون الاحتلال بحقهم والأسيرات، للدفاع عن أنفسهم أمام تغولها وعدوانها، لافتة إلى أن إدارة السجون تحاول التنكيل بالأسرى بمختلف الطرق والوسائل، وأن ما قام به الأسير المبحوح رد طبيعي على هذه الجرائم المستمرة منذ أشهر على الحركة الأسيرة.
وأضاف عبده في حديث لـ"فلسطين" أنه لطالما استخدم الأسرى أدواتهم البسيطة لردع العدوان، والتعبير عن غضبهم من قمع إدارة السجون، مشيرا إلى أن الأسير مالك حامد يعيش ظروف عزل انفرادي، منذ سكبه الماء على سجان إسرائيلي في سبتمبر/ أيلول الماضي، كرد طبيعي على التنكيل والعقوبات الجماعية التي فرضتها إدارة السجون عليهم عقب عملية "نفق الحرية".
وبيّن أن الأسير داخل السجن لا يعدم الوسيلة ويحاول الاستفادة مما بين يديه من أدوات بسيطة للتعبير عن حالة الغضب والرفض التي يعيشونها ضد انتهاكات الاحتلال.