توتر شديد يلقي بتبعاته الثقيلة على المشهد في كل سجون الاحتلال، أقسام سجن نفحة مغلقة تماما، أما القسم الثاني عشر فحدث ولا حرج، قمع وتنكيل وتمثيل بأجساد قلاع الخطوط الأولى وحصون النصر وأحصنة النزال المقدس.
البطل والشهيد الحي يوسف المبحوح، يرفع الجبين المكلل بغار العز يواجه تعذيب جلاديه بلحمه الحي المر لا يلوي على شيء فينكسر الجلاد ويسقط السوط ذليلا وهو الذي ألقم العدو الصهيوني خنجرا ليهوي الضابط النازي مضرجا بدمائه النجسة.
مكتب إعلام الأسرى يحذر ويعلي النفير بأن هناك خشية حقيقية على حياة الأسير المبحوح، وعلى أسرى قسم 12، وعلى أسرانا جميعا.
ومعركة فرسان سجون الاحتلال لا تقل سخونتها ونتائج فعلها اليوم عن كل معارك الثورة والشعب في ميادين الكر والفر مع قطعان جنود العدو الضالة وهم الذين يتقدمون دوما وقطعا يفرضون الذلة عليه على الرغم من كل ما هم فيه، وقد خبروا بأثمان باهظة وعلى مدار أكثر من سبعة عقود أن كيانهم لا يفهم سوى لغة القوة، وأن ثقتهم بربهم لا تحد، وأنهم يدافعون عن المقدسات وعن حقوقهم العادلة والمشروعة، وأثبتوا أنه لا وجود للمستحيل فقد انتصر الدم على السيف، والعين على المخرز، وعلى الرغم من بطش القوة ووحشيتها ودفق الدماء الزكية التي لم تزل تنزف حتى الغد وقد صلبت عود أطهر أرض وأجمل وطن.
الحركة الأسيرة تتقدم اليوم الصفوف أكثر، وكما كانت دوما، ترفع الرايات عالية خفاقة لتعلو الهامات أيقونة تزين الساحات، وترصع السماء، وتلون الفضاء، وتخط الأسماء، وعناوين الرجال هناك محفورة عميقا في القلوب الطيبة والعقول.
أسرى أحرار يصفدون بإرادتهم الفولاذية السجان وهو يحاذر التمعن في عيون تلك النسور التي تحلق بكل ألق الدنيا في فضاء رحب لم ولن يكون إلا خالصا لهم، فكم هي واسعة تلك العوالم خلف القضبان، وكم هي ضيقة منحسرة تلك الكوة التي انطوى في رمادها المتخابرون.
مراكز التخابر في مقاطعة الهوان في رام الله المحتلة وفي مكاتب الشاباك وجيش النازية الجديدة، يرسمون بفحيحهم خططا لاحتواء الأسرى وتشتيت شملهم!
كثيرة هي المؤامرات والمقامرات والنتائج دوما واحدة، أما الأسرى فهم يتحركون بثبات دوما لكسر القيد، وكم خاب فأل الاحتلال بكل ما لديه من تكنولوجيا ودعم الأنذال الساقطين، وكم حقق الأبطال المعجزات في أسطورة " نفق الحرية " وباستيل جلبوع وما يدونه التاريخ في واحدة من ملاحمه الخالدة لستة أقمار من الوطن وذاك القلب الدافئ الجسور للبطل يوسف المبحوح، خطوات ترسم ملامح غد السيادة والخلاص.
لقد دوت في الساعة السالفة أناشيد عقبان سجن نفحة وتكبيراتهم ترحيبا ببطولات اجترحها ليث منهم وتعنيفا للجلاد وكان يردد الصدى نسور سجن رامون القريب.
الشعب الفلسطيني المرابط الصامد في وطنه وفي مقدمتهم رموزه وفخره قادته في فصائل المقاومة الباسلة يحيون بواسل الحركة الوطنية الاسيرة، يشدون على أياديهم ويعلمون أنهم سيردون للعدو الصاع صاعين وأكثر ويعدونهم أنهم لن يكونوا وحدهم، وأنهم معهم لصيقون بهمومهم، وأن رد المقاومة المزلزل قادم وقريب، وأن مشهد جلبوع ونفحة سيبقى قائما مدويا وفي سجل المحتل قاتما مزلزلا حتى الانعتاق المؤزر بإذن الله.
العدو الصهيوني المتغطرس يعلم أنه يلعب بالنار وقد كان ما وقع في سجن نفحة ليس إلا بداية النفير في مواجهة حماقة الاقتراب أسيراتنا الماجدات وأن القادم أعظم وسيجني قريبا العلقم وسيشهد على ذلك ويقينا قادم الأيام، فلن ينالوا أبدا من كبرياء هذا الطود الشامخ وسيبقى يوسف المبحوح في حدقات الأعين ومغاوير المقاومة يحذرون العدو من المس بحياته وقد خبروا بأسهم في الشجاعية والتفاح والزيتون ورفح وجباليا وجنين ونابلس، وكانوا دوما عند ظن الجميع بهم.
فصائل المقاومة تعد العدة، وقد أعلنت بجلاء النفير العام، وهي فعلا تضع الأصبع على الزناد وقد دنت ساعة الحقيقة.
تحرك ميداني، يشرق في كل الساحات، وضفة المقاومة تتحرك، وقدس الله تمور في كل منعطف، وكر العمالة في مقاطعة العار يثق أن النهاية دنت، فما تخلد احتلال، ولا دام ظلم، والشعوب لا تنسى، ولا تغفر، ولن ترحم العملاء.