أقدم أسير من حركة المقاومة الإسلامية حماس، على طعن أحد ضباط سجن "نفحة" الصحراوي، ردًّا على الاعتداءات الإسرائيلية التي تتعرض لها الأسيرات من قبل إدارة السجون، وفي وقت شنت "قوات القمع" التابعة لإدارة السجون حملة قمع وتنكيل واسعة ضد أسرى قسم 12 في "نفحة"، حذّرت فصائل فلسطينية الاحتلال من مغبة التمادي في جرائمه، محملة إياه المسؤولية الكاملة عن أي اعتداء.
وأعلنت مصادر طبية إسرائيلية مساء أمس، إصابة ضابط إسرائيلي يعمل في إدارة السجون بجراح طفيفة بعد طعنه بأداة حادة في سجن "نفحة" بالنقب المحتل.
وذكر موقع "والا" العبري أن أحد أسرى حماس أقدم على طعن أحد عناصر إدارة السجون داخل قسم أسرى حركة حماس في السجن؛ ما أدى إلى إصابته بجراح طفيفة نقل في إثرها لعيادة السجن.
حملة قمع
من جانبه أفاد مدير مكتب إعلام الأسرى، ناهد الفاخوري، بأن منفذ عملية الطعن هو الأسير يوسف المبحوح من سكان بلدة جباليا، شمال قطاع غزة.
وقال الفاخوري في تصريحات لـ"فلسطين": إن سلطات الاحتلال أغلقت سجن "نفحة" في أعقاب تنفيذ عملية الطعن، مشيراً إلى أن ما تسمى بـ"قوات القمع" شنت حملة قمع كبيرة ضد الأسرى.
وأضاف: إن وحدات القمع التابعة لإدارة السجون تكبل أسرى قسم 12 في سجن نفحة بالسلاسل الحديدية، وتتركهم في ساحة السجن دون أغطية أو ملابس في ظل البرد القارس.
ولفت إلى أن إدارة سجون الاحتلال أبلغت بنقل أعضاء الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس محمد عرمان وأشرف الزغير المتواجدين في سجن نفحة إلى العزل الانفرادي.
وتابع: "حذرنا مرارًا بأن الاعتداء على الأسيرات خط أحمر لن يمر دون عقاب، ونحمّل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الأحداث داخل السجون"، مشددًا على أن الاعتداء السافر على الأسيرات كان يستوجب رداً مهما كلف ذلك من ثمن.
وأوضح أن زيارة محامي هيئة شؤون الأسرى لسجن الدامون كشفت حجم الاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة التي تعرضت لها الأسيرات، والمتمثل بالضرب والسحل، وهو ما أثار غضب الأسرى في جميع السجون.
وذكر أن الحركة الأسيرة أغلقت الحوارات مع إدارة السجون بسبب الاعتداءات المتعمدة التي تعرضت لها الأسيرات، مشددًا على أن "ما تعرضت له الأسيرات يستدعي رداً يوازيه، وليس فقط إعادة الأوضاع لما كانت عليه في السجن فقط".
وبيّن أنه تم إعادة أسيرتين من المعزولات، وهن منى قعدان وشروق دويات، في حين لم يُعرف أي تفاصيل عن الأسيرة مرح باكير، لافتًا إلى أن "إعادة الأسيرات المعزولات لا يعني انتهاء المشكلة، لأن ما تعرضن له الأسيرات كبير ويستدعي الرد".
وفي السياق، حذر نادي الأسير من قيام إدارة سجون الاحتلال بعملية قمع واسعة بحقّ الأسرى في سجن "نفحة"، وتحديدًا في قسم 12.
وأوضح، في بيان له، مساء أمس، أن معلومات ترد تباعا تفيد بقيام إدارة السجون باستقدام قوات كبيرة من مختلف الوحدات القمعية، إضافة إلى مروحيات تحلق فوق السّجن.
وحمّل نادي الأسير إدارة سجون الاحتلال المسؤولية الكاملة عن مصير الأسرى، ولا سيما في ظل الحديث عن سلسلة ومشاريع قرارات تفيد بتعزيز قوات القمع داخل السجون.
وأشار إلى أن إدارة السجون صعّدت منذ عام 2019 من عمليات القمع وسُجلت أعنفها في سجن "النقب"، و"عوفر" و"ريمون" في حينه، وكانت الأشد عنفًا منذ أكثر من عشر سنوات، علمًا أنه منذ مطلع العام الجاري استمرت إدارة السجون في تنفيذ عمليات قمع، كان آخرها بحقّ الأسيرات اللواتي واجهن عمليات قمع متتالية على مدار أيام.
إعلان الطوارئ
من جانبها، أعلنت لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية، أمس، حالة الطوارئ العامة انتصارًا للحركة الأسيرة، مؤكدةً دعمها وإسنادها للأسرى داخل سجون الاحتلال.
وقال القيادي بالجبهة الشعبية عوض السلطان في كلمة ممثلة عن لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية أمام مقر الصليب الأحمر غرب مدينة غزة: إن استهداف الأسرى داخل السجون لا يمكن أن يمر مرور الكرام.
وأكد السلطان أن دعم الأسرى في معركتهم ضد الاحتلال هي فرض وواجب، "فيجب ألاّ يتأخر أحد، "وإننا على ثقة أن مقاومتنا سيكون لها رصيد مشرف يضع حدًّا لهذه الهجمة على أسرانا وأسيراتنا داخل السجون".
وشدد على أن شعبنا سيواصل إسناد الأسرى في معركتهم ضد إدارة سجون الاحتلال، محمّلاً الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياتهم.
وأعلن السلطان يوم الجمعة يومًا للتصدي في كل ساحات المواجهة وخاصة في الضفة المحتلة، داعيًا جماهير شعبنا في الداخل المحتل لنصرة أسرانا.
ودعا جماهير شعبنا وشبابه الثائر وطلاب الجامعات للتحرك مع نقاط التماس والاشتباك مع العدو، وإيصال رسالة أن شعبنا ومقاومتنا لن يتركوا أسرانا وحدهم، وسيقدمون الغالي والنفيس من أجل الدفاع عنهم.
ودعا السلطان المجتمع الدولي ومؤسساته الصامتة والصليب الأحمر للتحرك العادل ووقف الهجمة المبيتة بحق أسرانا وأسيراتنا قبل فوات الأوان.
الفصائل تبارك
بدورها، باركت حركة المقاومة الإسلامية حماس عملية الطعن البطولية في سجن "نفحة".
وأكد عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق في بيان صحفي، أن هذه العملية هي رد طبيعي على التصعيد الذي تتعرّض له الأسيرات الماجدات، محذراً الاحتلال من مغبّة الاستمرار في جرائمه ضد الأسيرات والأسرى في سجونه.
وحمّل الرشقُ الاحتلالَ المسؤوليةَ الكاملة عن أيّ اعتداء على الأسرى، أو التصعيد ضدهم داخل السجون.
كما بارك القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل، العمل البطولي الذي نفذه الأسير المبحوح في سجن نفحة دفاعاً عن الأسيرات، مؤكداً أن الاحتلال قد تجاوز الخطوط الحمراء ضد أسيراتنا داخل السجون.
وقال المدلل في تصريح صحفي: إن "المقاومة لا يمكن أن تصمت على هذه الجرائم، وصبرها بدأ ينفد، ولا يمكن أن نترك أسرانا وحدهم"، لافتاً إلى أن تمادي العدو في انتهاكاته يجعل الشعب الفلسطيني ومقاومته ينفد صبرهم.
وأضاف: "الفصائل تتابع ما يجري داخل السجون بقلق وغضب شديدين، والأسرى استطاعوا أن يكسروا هيبة إدارة السجون"، محملاً العدو الصهيوني تداعيات التصعيد ضد الأسرى.
وبعث القيادي في الجهاد رسالة للوسطاء قال فيها: "نقول للوسطاء والعالم إن المنطقة لا يمكن أن تعيش حالة أمن واستقرار ما دام أسرانا يتعرضون لحماقات الاحتلال"، مشدداً على أن الكلمة ستبقى أولاً وأخيراً للمقاومة التي هي رهن الإشارة.
في حين، أكدت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن عملية الطعن رد طبيعي على جرائم الاحتلال بحق الأسيرات والأسرى.
وقالت الجبهة في بيان: "هذه العملية هي استكمال للدور الذي يقوم به أبناء شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة في الدفاع عن الحقوق الوطنية والتصدي لعدوان الاحتلال وعنف المستوطنين والاقتحامات للمسجد الأقصى".
وحذرت الجبهة حكومة الاحتلال من التمادي في عدوانها وجرائمها على أبناء شعبنا وحركته الأسيرة، محملة إياها المسؤولية الكاملة عما ستؤول إليه الأوضاع في السجون.
أما لجان المقاومة، فقد وجهت بالتحية للأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الذين يتعرضون لأبشع جرائم التعذيب والتنكيل من العدو الإسرائيلي.
وقالت اللجان في بيان لها: "عملية الطعن البطولية في سجن نفحة هي رد طبيعي على جرائم العدو بحق أسيراتنا وحرائرنا الماجدات في السجون".
وحملت الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير "المبحوح" وكل الأسرى والأسيرات، مؤكدة أن الأسرى والأسيرات خط أحمر.
كما عبّر طلعت المبحوح والد الأسير "يوسف المبحوح"، عن فخره بالعملية البطولية التي نفذها نجله، معتبراً إياها رداً طبيعياً على اعتداءات الاحتلال ضد الأسرى والأسيرات.
وقال المبحوح لوسائل الإعلام: "ليعلم العدو أن الأسرى والأسيرات خطوط حمراء لا يُمكن الاقتراب منها"، مشدداً على أن "الاحتلال لا يعرف الحقوق ولا الإنسانية، لذلك هناك أسود رابضة تثأر لجرائمه ضد الأسرى في السجون".
وأضاف: "نحن في العائلة لا نأسف على هذا العمل، بل نشجعه ونباركه"، مناشداً المؤسسات الحقوقية بضرورة متابعة قضية نجله "يوسف" خشية إقدام الاحتلال على الانتقام منه.
ووجه رسالة للاحتلال: "يكفي لهيئة أركان الاحتلال أن جاءته صفعة من داخل السجون رداً على جرائمه بحق الأسرى والأسيرات".
وختم حديثه "نفخر بهذا العمل وتشرفنا به، وجاهزون أن نقدم أبناءنا لما يطلبه الدين والوطن والأسرى والأسيرات".